تهديدات بوتين النووية.. الحرب لا تسير في طريقه
ترغب روسيا بإضعاف العزم الغربي والأوكراني من خلال التلويح بالبطاقة النووية، لكن صحيفة “إندبندنت” البريطانية ترى في افتتاحيتها أن هذه التهديدات لن تسير حسب الخطة التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتشير الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى حجم الترسانة النووية الروسية ومجموعة أنظمة التوصيل المتاحة بسهولة للكرملين، فمن الصعب أن نرى كيف أن وضع 10 رؤوس حربية تكتيكية قصيرة المدى في بيلاروسيا يرقى إلى خطوة حاسمة في حرب أوكرانيا.
ومع ذلك، تقول إن بوتين “مصمم على إرسال رسالة تهديد عدوانية حول مخاطر التصعيد. وعلى الرغم من أن تهديداته الجديدة أكثر موضوعية من سابقتها الغامضة فيما يتعلق باستخدام أسلحة الدمار الشامل، فليس هناك بالضرورة أي سبب للاعتقاد بأن هذا النشر المرتقب ينطوي على أي خطر أكثر مما كان موجوداً من قبل”.
وفي أبسط صوره، ترى الصحيفة أنه “إذا أراد بوتين استخدام قنبلة نووية لمساعدته على الفوز في ساحات القتال في دونيتسك شرق أوكرانيا، فيمكنه فعل ذلك أيضاً من روسيا مثل الأراضي البيلاروسية.. هذا هو السبب في أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تُظهر لامبالاة بطريقة هادئة ومملة أحياناً”.
علامات ضعف
وتقول الصحيفة إن بوتين “بالتأكيد مستاء من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والدعم الغربي الأوسع لأوكرانيا، ولكن، بشكل غير مباشر، تؤكد أفعاله أن الحرب لا تزال لا تسير في طريقه، بعبارة أخرى، إنه لا يرفع الرهان من موقع قوة، بل هي علامة ضعف”.
في الواقع، تشير “إندبندنت” إلى أن تلك التهديدات التي يُطلقها الرئيس الروسي “قد تأتي بنتائج عكسية، حيث يمثل عودة حديثه عن الأسلحة النووية التكتيكية المتمركزة خارج حدوده الوطنية، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، ولفترة من الوقت، مباشرة بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، أمراً بالغ الخطورة”
وتضيف الصحيفة أن روسيا “تضع الآن هذه الأسلحة المخيفة على حدود 3 دول في الناتو – بولندا ولاتفيا وليتوانيا – وأقرب إلى حد ما من ألمانيا. ولكن من المؤكد أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تذكير دول أوروبا والعالم الأوسع، بالنوايا الخبيثة لروسيا، والحاجة إلى أمن جماعي أقوى من أي وقت مضى”.
وكما هو الحال مع بدء حرب أوكرانيا، التي حولت حلف الناتو المتعب إلى جبهة فعالة وموحدة ضد موسكو، فإن نقل الأسلحة النووية التكتيكية أقرب من أي وقت مضى إلى دول الناتو التي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطوريات القيصرية، حسب الصحيفة.
بيلاروسيا “رهينة”
من جهة أخرى، يزعم الرئيس بوتين أن كل هذا يتبع سابقة تمركز القوات والأسلحة الأمريكية في أوروبا الغربية، باستثناء أن الوجود الأمريكي دفاعي بحت، وكإجراء احترازي، تم تبريره بوضوح من خلال الهجوم على أوكرانيا. والفرق هو أن الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى ليس لديها مصلحة في محاولة ضم بيلاروسيا (أو روسيا، في هذا الشأن).
يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الروس يحولون بيلاروسيا إلى “رهينة”، وهو محق، كما تقول الصحيفة: “بعيداً عن تعزيز البلاد كحليف قوي لموسكو، سمحت بيلاروسيا لروسيا باستخدام أراضيها كقاعدة عسكرية للحرب.
إن بوتين، تتابع “إندبنتدنت”: “هو الذي يدفعهم إلى المشاركة غير المرغوب فيها في الحرب ضد أوكرانيا، وستكون عواقب القيام بذلك مروعة. فعلى الرغم من أن الرئيس لوكاشينكو يدير نظاماً قاسياً في بيلاروسيا، فإن وضع الأسلحة النووية الروسية في بلاده سيجعل نظامه أقل استقراراً، وقد تفقد روسيا دولة صديقة بدلاً من كسب حليف قتالي”.
موقف الصين
أما بالنسبة للعلاقات مع الصين، تقول الصحيفة إنه “من الصعب أيضاً تصديق أن محاولة تصعيد التوترات هذه أمر يرغب الرئيس الصيني شي جين بينغ، في رؤيته، نظراً لأنه قد يؤدي إلى نزع السلاح النووي للصراع. فقد تكون الصين، القوة النووية نفسها، متسامحة تجاه نقل روسيا للرؤوس الحربية إلى بيلاروسيا، إلا أنها بالتأكيد لا تؤيد أي استخدام فعلي لها. كما أنها ستقلب الرأي العام في البلدان المحايدة، مثل جنوب إفريقيا والبرازيل، بقوة ضد موسكو.
وفي الوقت نفسه على الأرض، يستمر القتال الشاق، ومن هنا جاءت المحاولة الروسية لإضعاف العزم الغربي والأوكراني من خلال التلويح بالبطاقة النووية.
وتختتم الصحيفة بالقول إن “زيلينسكي صادق بما يكفي للاعتراف بأنه لا يمكن أن يكون هناك هجوم مضاد أوكراني واسع النطاق بدون إمدادات جديدة من الذخيرة والدروع والطائرات بدون طيار. هذه، بدلاً من القنابل النووية، هي التي ستحول مجرى هذه الحرب في النهاية”.