محطات بالعلاقات السعودية الإيرانية.. 100 عام صعودا وهبوطا
يبلغ عمر العلاقات الدبلوماسية الحديثة بين إيران والمملكة العربية السعودية أقل من قرن بقليل، إذ تعود إلى عام 1928.
وفي هذا العام (1928)، جرى تأسيس هذه العلاقة في عهد الشاه الإيراني رضا خان والملك السعودي عبدالعزيز آل سعود، حيث كانت العلاقات بين البلدين أكثر حيوية.
لكن مع الثورة الإيرانية عام 1979 وسقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ورفع شعار تصدير الثورة ثم أعقب ذلك بدء الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت حتى عام 1988، شهدت العلاقات بين إيران الثورة والدول العربية بصفة عامة توتراً.
وقطعت العلاقات بين إيران والسعودية 3 مرات؛ كانت الأولى عام 1943، إثر مزاعم طهران بأن السلطات السعودية قامت بإعدام أحد الحجاج الإيرانيين، لكنها عادت عام 1946، أي بعد 3 سنوات من القطيعة.
فيما كانت الثانية عام 1987، إثر مواجهات بين الشرطة السعودية وحجاج إيرانيين قتل فيها أكثر من 400 شخص، معظمهم من الإيرانيين، لكنها عادت عام 1991، أي بعد نحو 4 سنوات من القطيعة.
فيما كانت القطيعة الثالثة في العلاقات مطلع عام 2016 بعد قيام محتجين إيرانيين بإحراق واقتحام سفارة المملكة في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد شمال شرق إيران على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر بعد إدانته بقضايا إرهابية.
فترة تحسن العلاقات
وفي ظل التقلبات السياسية، بدأت شخصيتان قويتان من كلا البلدين الجهود الأولى لإقامة علاقات أفضل، هذان الشخصان هما الراحلان الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الإيراني الأسبق الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
وتحسنت العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية وكانت المراسلات بين كبار المسؤولين يصفون بعضهم البعض بـ”الأخ”، فيما يتم وصف المملكة بـ”عاصمة العالم الإسلامي”، بحسب ما ذكره وزير الخارجية الإيراني الأسبق، منوشهر متكي.
وبدأت العلاقات بين الهاشمي والملك عبدالله عندما التقيا في السنغال ثم على هامش المؤتمر الإسلامي، ما جعل العلاقات السياسية بين البلدين أكثر دفئًا من ذي قبل.
وتولى رفسنجاني المحسوب على التيار الأصولي المعتدل والمتحالف مع الإصلاحيين، منصب رئاسة الجمهورية من 1989 إلى 1997.
وواصل الرئيس الإيراني الأسبق زعيم الإصلاحيين محمد خاتمي، سياسة خلفه رفسنجاني في العلاقة مع السعودية والعالم العربي والدول الغربية، واستمرت هذه العلاقات بالاستقرار والتعاون وتوقيع اتفاقيات أمنية وغيرها من عام 1997 وحتى 2005.
وعلى الرغم من ذكر هاشمي باعتباره المهندس الأساسي للعلاقات بين البلدين، إلا أن الفترة الأكثر دفئًا للعلاقات بين البلدين مرتبطة بفترة رئاسة محمد خاتمي.
وتحسنت العلاقات بين إيران والسعودية بشكل ملحوظ خلال رئاسة محمد خاتمي، حتى دخل البلدان في حوار لتوقيع اتفاقية أمنية.
وكان حسن روحاني، أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك، ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، بدعم من محمد خاتمي والملك عبدالله بن عبدالعزيز، مسؤولين عن صياغة هذا الاتفاق، ولكن بسبب التطورات التي كانت على الطريق، لم يتم الانتهاء من هذه الاتفاقية.
ومن العوامل التي دفعت العلاقة بين إيران والسعودية إلى الانحدار مرة أخرى فيما بعد هو برنامج إيران النووي وبروزها على المستوى الدولي.
العهد المظلم
ورغم محافظة الرئيس المتشدد السابق محمود أحمدي نجاد على العلاقة مع المملكة العربية السعودية، حتى نهاية فترة حكمه عام 2013، لكن في نفس الوقت بدأت تظهر قتامة ببطء مرة أخرى بفعل تأثير الأحداث الإقليمية والمنافسات السياسية.
واتخذ السعوديون في البداية موقفاً حذراً ضد فوز أحمدي نجاد، لكن سياسة الحكومة الإيرانية آنذاك فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإصرار محمود أحمدي نجاد على العودة إلى الشعارات الأولية للثورة كانا مصدر قلق للسعوديين.
وزار محمود أحمدي نجاد السعودية مرتين خلال فترة رئاسته.
في عهد روحاني
وخلق انتخاب حسن روحاني عام 2013 آمالًا جديدة بتحسين العلاقات بين البلدين، على الرغم من أن الجهود المبذولة لتحسين العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية لم تسفر عن نتائج.
لكن التيار الأصولي المتشدد لم يسمح لروحاني بذلك، ووضع أمامه العراقيل، ما دفع أنصاره إلى النزول للشوارع في مطلع يناير/كانون الثاني 2016، ليتم اقتحام السفارة السعودية في طهران وإحراقها كما تكرر الحادث مع قنصلية المملكة بمدينة مشهد على خليفة إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر.
واستمرت هذه القطيعة لمدة سبع سنوات وبذلت سلطنة عمان والعراق ثم الصين جهوداً لتحسين العلاقات وتقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران، وقد أسفرت تلك الجهود عن إعلان اتفاق بين إيران والسعودية لاستئناف العلاقات، اليوم الجمعة.
وذكر بيان إيراني اليوم الجمعة، أن “إيران والسعودية اتفقتا على إعادة العلاقات وفتح السفارتين في غضون شهرين”.
وأضاف البيان أن “أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني اجتمع مع نظيره السعودي مساعد بن محمد العيبان في العاصمة الصينية بكين وقد أجريا مباحثات مكثفة وصريحة وشفافة وشاملة في الأيام الأخيرة انتهت بتوقيع بيان إيراني سعودي صيني مشترك يعلن عودة العلاقات بين طهران والرياض رسمياً”.
ووفق البيان: “الطرفان اتفقا على استئناف العلاقات الدبلوماسية في غضون شهرين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر”.