الأقتصاد

هل تبيع مصر قناة السويس كما يشاع… إليك شرح الأمر ببساطة

الرئيس عبد الفتاح السيسي لن يسمح بالمساس بأمن وسلامة و”وطنية” قناة السويس، التي وصفها بشريان الحياة للاقتصاد المصري

سجلت قناة السويس المصرية أعلى إيراد سنوي في تاريخها خلال العام المالي المنقضي بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، والذي بلغ 7 مليارات دولار، بزيادة تتجاوز 18% عن العام الماضي، ومن المتوقع أن تسجل 8 مليارات دولار على مدار عام 2022 بأكمله.إلى جانب كونها أحد أهم الممرات المائية في العالم، الأمر الذي يكسب مصر مكانة استراتيجية، فهي أيضا ذات أهمية اقتصادية بالغة لدورها في توفير العملة الأجنبية للبلاد، التي شهدت ضغوطا في السنوات الأخيرة في تلبية احتياجاتها الخارجية، ما تسبب في انخفاض حاد لقيمة الجنيه هذا العام.

وفقا لأحدث البيانات حول الأداء السنوي لميزان المدفوعات المصري المنشورة عبر موقع البنك المركزي، كانت قناة السويس واحدة من أهم روافد الدخل الأجنبي للبلاد في العام المالي 2021- 2022، ما ساعد في تقلص عجز حساب المعاملات الجارية (المعاملات مع الخارج)، بالطبع إلى جانب نمو تحويلات المصرية في الخارج والصادرات وعائدات السياحة والاستثمار المباشر.

لكن قناة السويس تكتسب أهمية تاريخية أيضا لدى المصريين، وينظر إليها داخل البلاد كأعجوبة لا تقل أهمية عن الأهرامات ولها رمزية لا تقل كذلك عن العلم والنشيد الوطنيين، ولم لا وقد بذل أجدادهم أرواحهم تارة لحفرها وإعادة رسم مكانة مصر على خريطة العالم الاستراتيجية قبل أكثر من قرن ونصف القرن، وتارات أخرى دفاعا عنها ضد العدوان الإقليمي والعالمي.

هذا المكانة والأهمية الاستراتيجية والاقتصادية، كانت دافعا مبررا لمخاوف وقلق الكثير من المصريين في الأيام القليلة الماضية عندما أثيرت النقاشات بشأن مشروع القانون الذي اقترحته الحكومة على البرلمان، لتعديل التشريع الخاصة بهيئة القناة والسماح لها بالانخراط في أنشطة استثمارية.المقترح الذي أقره البرلمان بشكل مبدئي، أثار مخاوف لدى البعض من أنه يفتح الباب لبيع جزئي أو حتى كلي للقناة أو أصولها، وهو أمر لم يبد أنه يحظى بدعم بين المصريين..

لكن هل هذا حقيقي، هل تنوي أو تخطط الحكومة المصرية لبيع أصول الممر المائي الثمينة.علام وافق البرلمان؟وافق مجلس النواب بشكل مبدئي، يوم الاثنين، على تعديل القانون رقم 30 لسنة 1975 الخاص بنظام هيئة قناة السويس، وذلك ليسمح للهيئة بإنشاء صندوق استثمار مملوك لها بهدف المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس وتطويره. أرجئت الموافقة النهائية إلى جلسة أخرى.وفقا للقانون المقترح، يتمكن هذا الصندوق من شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وتقول الحكومة إنه يهدف إلى تمكين قناة السويس من مواجهة الأزمات في ظل فترات التقلبات الاقتصادية وسوء أوضاع التجارة العالمية.ويستهدف أيضا تمكين هيئة قناة السويس من ممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك مساهمة الصندوق بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، مع تمكين الصندوق.

وحدد القانون أهداف الصندوق في “تحقيق المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس وتطويره”. كما حدد رأس مال الصندوق المرخص بقيمة 100 مليار جنيه ورأس المال المصدر والمدفوع بقيمة 10 مليارات جنيه.وتكون موارد الصندوق من رأس المال ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة لصالحه بعد الاتفاق مع وزير المالية، إلى جانب عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، بالإضافة إلى الموارد الأخرى التي تحقق أهداف الصندوق ويقرها مجلس الإدارة ويقبلها رئيس مجلس الوزراء.الصندوق الخاص هو فكرة شائعة وليست جديدة، وتتعدد استخداماته بناء على الغرض المؤسس من أجله أو الجهة المالكة له، وتمتلك هيئات ومؤسسات مصرية قائمة مثل هذه الصناديق.الغرض الواضح وببساطة في هذه الحالة في مصر؛ هي إنشاء كيان معني باستثمار بعض موارد القناة بغرض تنميتها، أي أن تستثمر الدولة بعض إيرادات القناة في مشروعات لتنمية هذه الإيرادات، وهو مثال مصغر لصناديق الاستثمار السيادية التي تمتلكها الحكومات أو حتى صناديق الأوقاف أو تلك التابعة لبعض الشركات، ويكون هدفها الأساسي تنمية موارد المؤسسات المالية وتعظيمها عن طريق توظيف هذه الأموال في مشاريع استثمارية أو أصول مالية تدر عائدا.

وجهة النظر الرافضةالراوية التي يتبناها خبراء اقتصاد وسياسيون وحتى تلك التي تتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، تدور حول مخاوف عميقة من أن هذا القانون سيسمح ببيع القناة ولو جزئيا، وبالتالي فإنه يمكن الأجانب من امتلاك الأصل الذي لطالما فشلوا في الحصول عليه بسطوة السلاح والدماء.تصدر هاشتاغ “#قناة_السويس” مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد موافقة البرلمان المبدئية على القانون، الذي قوبل بالرفض من قبل بعض الأحزاب والشخصيات العامة وحتى أعضاء في مجلس النواب الحالي. واعتبر النائب عاطف مغاوري أن موارد قناة السويس جزءا من الموارد الرئيسية للخزانة العامة المصرية ويجب عدم الاستقطاع منها.

وأضاف في تصريحات متلفزة، أن هيئة قناة السويس تمتلك بالفعل 9 شركات تابعة لها تمارس أنشطة استثمارية في مشروعات مختلفة، لكن الصندوق الجديد سيكون له مجلس إدارة وجمعية عمومية ويمتلك الحق في البيع وطرح الأوراق المالية ما يجعله جهة موازية للقناة.فيما انتقد النائب عبد المنعم إمام، خلال جلسة نقاشية في مجلس النواب، خطة الحكومة المقترحة لاقتطاع جزء من عائدات القناة لاستثمارها عبر الصندوق، في الوقت الذي تواجه فيه مصر عجزا ضخما، وفي ظل وجود “آلاف الصناديق الخاصة” في البلاد والتي لا يمتلك البرلمان سلطة الرقابة عليها، على حد قوله.هل تفرط الدولة في قناة السويس؟

الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، أكد أن لا أحد يملك حق بيع أو الاقتراض باسم القناة، وأنها ملك المصريين ويحميها الدستور بنص المادة 43 التي تلزم الدولة “بحماية قناة السويس والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا مملوكا لها”.الفريق مهاب مميش، مستشار رئيس الجمهورية، والرئيس الأسبق لهيئة قناة السويس طيلة 7 سنوات، وصف المخاوف المثارة تجاه القانون بـ”المشروعة”، مؤكدا أنه لا يمكن التفريط في الجهد الذي بذله المصريون وأجدادهم، وأن الممر المائي لا يمكن أن يكون إلا مصريا خالصا.وأضاف في تصريحات متلفزة، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لن يسمح بالمساس بأمن وسلامة و”وطنية” قناة السويس، التي وصفها بشريان الحياة للاقتصاد المصري، لافتا إلى أن المقترح الحكومي يرمي إلى تنمية موارد الهيئة فقط.الحكومة نفسها، أصدرت بيانا نفت فيها بشكل قطعي أن تكون نيتها من تأسيس الصندوق هو أن يكون “بابا خلفيا” لبيع قناة السويس، وشددت على أن القناة وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، وأن كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين سيظل من المواطنين المصريين.ووفقا لمجلس النواب المصري فإن القانون لا يتضمن أي أحكام قد تؤدي إلى بيع قناة السويس، لكونها من “أموال الدولة العامة ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها”، وفقا للدستور وأحكام المادة 43.وقال ربيع في مؤتمر صحفي عقب توجيهات من الرئيس السيسي بكشف الحقائق حول القانون، إن الدولة لن تسمح للمستثمر الأجنبي بالدخول في قناة السويس، وإنها لا تقبل بتغيير الهوية المصرية للعاملين في الهيئة أو سيادة مصر عليها.

الرقابة حاضرة.. والتنمية الغرض الحقيقيأوضحت الحكومة أن الهدف من إنشاء الصندوق هو زيادة قدرة الهيئة على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة القناة وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله، وذلك وباتباع أفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها.

وقالت في بيان: “الصندوق سيساهم في تمكين الهيئة من مجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أية ظروف استثنائية أو سوء في الأحوال الاقتصادية، وحسابات الصندوق كافة ستخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات”.من جانبه أكد أسامة ربيع، أن الهدف من الصندوق هو مواجهة الأزمات والطوارئ، لا سيما مثل تلك التي تواجهها الدولية في الوقت الحالي، والدخول في مشروعات عملاقة مثل بناء سفن الصب لنقل البضائع المصرية للخارج وإنشاء أحواض جديدة، وأن بيوت خبرة عالمية درست هذه المشروعات.وشدد رئيس هيئة القناة على أن القانون الجديد لن يؤثر على الضرائب والإتاوات التي تلتزم هيئة قناة السويس بسدادها بشكل كامل، وأن 85% من العائدات الخاصة بها تعود للدولة وهناك جزء من الفائض سيمول الصندوق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى