بعد تسجيله أكبر هبوط منذ أكتوبر… هل يتوقف نزيف الجنيه المصري؟
واصلت العملة المصرية تراجعها خلال تعاملات اليوم الأربعاء، لتبلغ أدنى مستويات على الإطلاق، في الوقت الذي تتعامل فيه السلطات مع أسوأ أزمة للصرف الأجنبي في البلاد منذ نصف عقد.سجلت العملة المصرية أكبر انخفاض لها منذ تخفيضها في أكتوبر/ تشرين الأول، حيث تراجعت الأربعاء بنسبة 6.65% إلى 26.4 جنيه مقابل الدولار، بعدما لامست 26.5 جنيه في السوق الخارجية، وفقا لتقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري:”هذا بالتأكيد تخفيض آخر لقيمة العملة. إنه ينبع من الاختلاف الكبير بين سعر السوق الرسمي والموازي، مما زاد من ضيق ونقص سيولة العملات الأجنبية”.فيما قال ألين سانديب، مدير الأبحاث في شركة “النعيم” القابضة في القاهرة، إن أحدث موجة انخفاض في قيمة العملة تمهد الطريق لارتفاع التضخم إلى نحو 23% و25% وزيادة تكاليف الاقتراض الحكومي، لكنه توقع تحسن سيولة العملات الأجنبية في المستقبل.
جاء انخفاض قيمة الجنيه بعد ارتفاع كبير في أسعار الفائدة في نهاية العام الماضي وما قال مسؤولون إنه تقدم في معالجة أزمة الواردات في موانئها، ويعد الثالث بعد تخفيضين رئيسيين في مارس وأكتوبر تجاوزا 15% دفعة واحدة، وأعقبهما انخفاضات أصغر.وقال محللون إنه لكي يؤتي خفض قيمة العملة بثماره، فإن الحكومة ستحتاج إلى التأكد من أن لديها سيولة كافية بالعملة الأجنبية لتلبية الطلب بشكل فعال والقضاء على سوق الصرف الموازي.فيما قالت مالك إنه على الرغم من هذا التخفيض الأخير لقيمة العملة، لا يزال هناك فرق كبير مع السوق الموازي، ويعود ذلك إلى مسألة دعم دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضافت: “لا نتوقع أن نرى تدفقا أوسع لرأس المال في هذه المرحلة، مع استمرار المخاوف بشأن القدرة على إعادة الأموال إلى الوطن وضعف سيولة العملات الأجنبية”.في السوق الخارجي، صعد تجار المشتقات رهاناتهم على أن الجنيه سيواصل الانخفاض إلى حاجز 32 للدولار الواحد خلال الأشهر الـ12 المقبلة. بلغت قيمة الجنيه المصري في مثل هذا الوقت من العام الماضي نحو 15.70 مقابل الدولار الواحد.
من جانبه قال محمد أبو باشا، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في بنك “الاستثمار” المصري المجموعة المالية “هيرميس”: “سننتظر ونرى مستوى سيولة العملات الأجنبية في سوق ما بين البنوك”.وأضاف أن المعدل الذي يزيل به السوق الأعمال المتراكمة (الواردات العالقة في الموانئ) ويلبي به الطلب الجديد بعد رفع متطلبات الاعتمادات المستندية، سيكون أمرا أساسيا لتحديد ما سيحدث لاحقا”.
صرحت مصر بالفعل في الشهر الماضي، أنها حررت مليارات الدولارات من السلع العالقة في الموانئ وألغت التعامل بالاعتمادات المستندية، ووجهت البنوك بتدبير العملات الأجنبية من أجل استئناف نشاط الاستيراد بحرية تامة.أصدر أكبر بنكين حكوميين في مصر، اليوم الأربعاء، شهادات ادخارية بعائد سنوي يبلغ 25% وبأجل عام واحد، فيما ينظر إليها كخطوة لكبح جماح التضخم وربما المزيد من التخفيض في قيمة الجنيه.وبحسب إفادة صحفية منفصلة لبنكي “مصر” و”الأهلي”، فإن العمل بالشهادات الجديدة يبدأ اعتبارا من اليوم الأربعاء، في جميع فروعهما، ويمكن صرف عائد شهري عليها بنسبة 22.5% تحسب على أساس سنوي.في مارس/ آذار من العام الماضي، أصدر البنكان الأكبر في مصر شهادات ادخارية بعائد سنوي يبلغ 18% في محاولة لامتصاص السيولة من السوق وتهدئة الضغوط التضخمية، وهي الشهادات التي توقف إصدارها بعدما جمعت أكثر من 700 مليار جنيه في غضون شهرين تقريبا.
ومع قرب انتهاء أجل هذه الشهادات، توجهت الأنظار مجددا إلى بنكي مصر والأهلي ترقبا لإصدار شهادات ذات عائد أعلى نظرا لاستمرار الضغوط التضخمية التي تؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة.على جانب آخر، ينظر المحللون إلى هذه الشهادات الاستثنائية باعتبارها أحد أسلحة السياسة النقدية في مكافحة الدولرة وتشجيع المستثمرين على الاحتفاظ بالعملة المحلية، عبر منحهم عائدات أعلى.قرر البنك المركزي المصري، في الشهر الماضي، رفع سعر الفائدة 3% على الإيداع والإقراض بآخر اجتماع للجنة السياسة النقدية في عام 2022، وهي الزيادة الأكبر منذ رفع سعر الفائدة بنفس النسبة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016.هذا وكشفت أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدل نمو أسعار المستهلكين السنوي للمدن إلى 18.70% في نوفمبر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2017. سجل المؤشر 16.2% في شهر أكتوبر/تشرين الأول.