السياسة

لي إيكو… بعد فوز اليمين المتطرف: ديمقراطية إسرائيل في خطر

قال الكاتب والباحث السياسي الفرنسي دومينيك مويزي بعد زيارته إسرائيل في الأسبوع الماضي لمتابعة الانتخابات التي شهدت انتصار ائتلاف يميني متشدد بقيادة بنيامين نتانياهو، إن “هذه الأمة الناشئة” قد لا تنجو من الانزلاق إلى “ديمقراطية غير ليبرالية”.

وقال مويزي في صحيفة “لي إيكو” الفرنسية في 1 نوفمبر (تشرين الثاني): “يوم الانتخابات في إسرائيل، كنت أتجول في شوارع تل أبيب، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن مستقبل البلاد قد يكون على المحك رغم اللافتات الانتخابية الضخمة على المباني والحافلات. لكن في انتخاباتهم العامة الخامسة في أربعة أعوام، بدا سكان أكبر مدينة اقتصادية وثقافية في البلاد متوترين، إن لم يكن غير مبالين”.

وسرعان ما انحسر الانطباع بعد نسبة مشاركة تجاوزت 70%، وهي تسبة كبيرة مقارنة مع الانتخابات السابقة. ولكن لم يظهر أن إسرائيل كانت على حافة تحول”، حسب الكاتب.

يمين متطرف عنصري
“هل ستتمكن ما يسمى بجمهورية تل أبيب بأعلام المثليين المتدلية من الشرفات ووكالات التسويق العقاري التي تقدم بنتهاوس مع جاكوزي وإطلالات على البحر، من مقاومة عودة بنيامين نتانياهو إلى السلطة؟”يتساءل الكاتب.

يرأس “بيبي” نتنياهو هذه المرة بأغلبية 64 مقعداً من أصل 120 في الكنيست ائتلافاً يضم حزباً يمينياً متطرفاً شريراً، رغم أن شعاره ليس صهيونياً ولا دينياً، ولكنه ببساطة عنصري بشكل علني.

في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في خضم الانتفاضة الثانية، كان لدى قادة إسرائيليين مثل أرييل شارون رسالة لأوروبا خاصة لفرنسا، التي تضم أكبر جالية يهودية في أوروبا الغربية” مفادها “نحن الإسرائيليون في الخطوط الأمامية في الحرب ضد الإرهاب الإسلامي. إذا لم تكن حذراً، فسيأتي دورك بسرعة”.

حتى شارون نفسه، دعا الجالية اليهودية الفرنسية إلى الهجرة إلى إسرائيل. وتشكل الدولة اليهودية اليوم في حد ذاتها تحذيراً بطبيعة مختلفة، ليس بسبب من الذين تقاتلهم، بل بسبب ما  ما أصبحت هي عليه، دولة في طليعة القومية الدينية الأكثر تطرفاً، إن لم تكن ديمقراطية على حافة الانهيار، دولة تدعو القوى السياسية المسيطرة على السلطة الآن فيها صراحة إلى طرد الفلسطينيين والقتال الرجعي ضد الحداثة.

المرأة في خطر
ويقول مويزي: “اعتادت إسرائيل أن تتباهى بمكانتها دولة ناشئة، بعدد الحاصلين على جائزة نوبل، وإبداع فنانيها، وما إلى ذلك. إذا أردنا اتباع برنامج اليمين المتطرف الإسرائيلي حرفياً، فإن تدريس الرياضيات والإنجليزية سينحرفان إلى مكان ثانوي، إن لم يكن منعهما تماماً. هذا الكفاح ضد العلم، ضد الانفتاح على العالم، يسير جنباً إلى جنب مع التشكيك في دور المرأة في المجتمع الإسرائيلي. فوظيفة المرأة عندهم، بصراحة، إنجاب الأطفال. يا لها من مفارقة مأسوية! هل هذا هو المثال الرجعي هو حقاً ما تريد إسرائيل أن تتجه إليه، في وقت تريد فيه شريحة متطرفة من هذا المجتمع طرد العرب من بينهم؟” يتساءل الكاتب.

بن غفير 
وأضاف مويزي “قد نعتقد أن اليمين المتطرف في البلاد، حتى لو كان يمسك بزمام إسرائيل، لن يكون قادراً على زعزعة أسس جمهورية تل أبيب. لكن لا يزال قادراً على إلحاق ضرر خطير بالديمقراطية في إسرائيل. كنت عضواً في المجلس الدولي لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي لسنوات، إلى جانب المدافعين الفرنسيين عن حقوق الإنسان روبرت بادينتر، وسيمون فيل. وكانت إحدى أولويات هذا المجلس الحفاظ على استقلال المحكمة العليا في البلاد. ودون سلطة قضائية، ألن تخاطر إسرائيل، دولة دون دستور ونظام انتخابي نسبي ثابت، بالسقوط فريسة الفساد المطلق، ودخول عصر فوضى ما بعد الديمقراطية؟”.

“بالاستفادة من الخلاف بين الوسط واليسار في إسرائيل، ربح نتانياهو رهانه، تماماً كما فعلت جيورجيا ميلوني في إيطاليا. ولكن لتفعل ذلك، كان عليها الاعتماد على دعم قوى أكثر تطرفاً وأفضل تنظيماً من “ليغا” ماتيو سالفيني أو “فورزا إيطاليا” سيلفيو برلسكوني. في الواقع، يمكن العثور على مقارنة أكثر ملاءمة ليس في إيطاليا، ولكن في الجوار، أليس إيتمار بن غفير، النجم الجديد لليمين الإسرائيلي المتطرف الذي أصبح الآن “صانع الملوك” الجديد بـ 14 نائباً، شخصاً على شاكلة الصحافي الفرنسي إيريك زيمور؟”. ويجيب الكاتب قائلاً إنه “أقل ثقافة بشكل كبير من هذا السياسي الفرنسي اليميني المتطرف، ولكنه أكثر مهارة سياسياً”.

ديمقراطية غير ليبرالية
وتابع مويزي “من المفيد أيضاً مقارنة الوضع مع الولايات المتحدة. والتساؤل إذا كان ما حدث للتو في إسرائيل سيرسم مسبقاً ما يحدث في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية”.

وأردف “يبدو أن الديمقراطية، في الولايات المتحدة وإسرائيل على حد سواء، أصبحت مصدر إزعاج للنخب. شيء جيد، بالطبع، لكنه مهمل في الخلفية، مقارنة مع الأولويات الأخرى مثل الأمن المادي أو الاقتصادي”.

واختتم بالقول: “يمكننا أن نجد العزاء في أن الكتلة اليمينية الإسرائيلية ربما لن تدوم طويلاً، وأن تناقضاتها الداخلية كبيرة، وأن نتانياهو لن يكون قادراً على السيطرة على بن غفير وأفكاره المتطرفة. لكن يمكننا أيضاً أن نرتعد من فكرة أنه بعد هذه الانتخابات، أصبحت إسرائيل، في أحسن الأحوال، ديمقراطية غير ليبرالية، مثل المجر بقيادة فيكتور أوربان، وفي أسوأ الأحوال، ديمقراطية فاشلة. والولايات المتحدة تقف الآن أمام الخطر نفسه”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى