تونس تستعد لانتخاب البرلمان.. و”الإخوان” يحاولون الالتفاف
مع تطويقها بالتحقيقات في جرائم جنائية وأمنية، تسعى حركة النهضة في تونس للإفلات من أزمتها بالعودة للمشهد السياسي عبر أذرع جديدة لها، ومن بوابة الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 ديسمبر.
وحذر خبراء تونسيون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية” من عودة حركة “النهضة” عبر عناصر يعلنون التبرؤ منها في الظاهر، وينتمون لها في الخفاء، متوقعين في نفس الوقت حلّ الحركة نتيجة حزمة التهم الثقيلة الموجهة لها.
وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي في حوار تلفزيوني إن “الحركة تنتظر إقرار قانون الانتخابات المقبل للإعلان عن ترشحها للانتخابات”، في تناقض مع موقفها السابق الرافض لكافة الإجراءات الإصلاحية التي تمت بالبلاد بعد 25 يوليو 2021، ومحاولتها إفشالها، وأخرها محاولة إفساد الاستفتاء على الدستور بالمقاطعة.
الباب الخلفي
ويصطدم طموح حركة النهضة في الانتخابات بعقبتين، الأولى تتمثل بحزمة التهم الموجهة إلى بعض قيادات الحركة ورئيسها الغنوشي بارتكاب جرائم غسيل أموال وإرهاب، والثانية الرفض الشعبي الكاسح لعودتها إلى المشهد السياسي بعد فشلها الذريع خلال مشاركتها في إدارة البلاد من 2011-2021.
وعكس هذا الرفض نتائج الاستفتاء على الدستور الذي وافقت عليه الغالبية العظمى من التونسيين (94.6 بالمئة)، رغم دعوة الحركة وحلفائها بكل الطرق التونسيين للمقاطعة أو التصويت بـ “لا”، على حدّ قول المحلل السياسي نزار الجليدي.
وأضاف الجليدي لموقع “سكاي نيوز عربية” أن محكمة هيئة المحاسبات أصدرت قرارا بمنع عدد من قيادات حركة النهضة، وكذلك حزب قلب تونس، من المشاركة السياسية على خلفية قضية التمويلات الأجنبية.
ووفق الجليدي فإنه إضافة لهذا العائق القانوني، فإن التونسيين “ما زال في حلقهم مرارة معاناتهم من حكم تنظيم الإخوان، حتى وصفوا السنوات العشر التي قضاها في الحكم بـ”العشرية السوداء”، والتي شهدت تسخير الحركة موارد الدولة لصالحها، ولم يظهر منها أي ولاء لتونس، وتركت المواطنين يقاسون تدهورا اقتصاديا وصحيا صعبا”.
ويرى المحلل التونسي، أن الحركة الإخوانية “تناور لتهرب من مأزقها الحالي في لعبة سياسية مكشوفة، بادعاء انشقاق بعض أعضائها البارزين، ثم إعلانهم تأسيس حزب جديد، يخوضون به الانتخابات بعيدا عن اسم الحركة المشوّه، لكنه يتبنى نفس أيديولوجيتها، وتدعمه الحركة”.
حل الحركة
واعتبر الخبير القانوني التونسي حازم القصوري أن التهم التي تواجه حركة النهضة في أروقة القضاء، ومنها غسيل الأموال، تلقي تمويلات أجنبية، التخطيط لاغتيالات سياسية، وقضية التنظيم السري أو “العلية السوداء”، الذراع المسلحة السرية للحركة، والإرهاب، تستدعي إصدار قرار من رئيس الجمهورية بحلّ الحركة، متوقعا أن تمهّد محاكمة الغنوشي ورفاقه، الجارية الآن في قضية التمويلات الأجنبية، إلى فتح ملفات أخرى ترتبط بجرائم الحركة، وفي مقدمتها ملف الاغتيالات السياسية، وأن يتبع هذا قرار بإنهاء الحركة.
ومطلع الشهر الجاري، كشفت رئاسة الجمهورية في بيان أن جردا أجرته وزارة المالية للقروض التي حصلت عليها تونس في السنوات الأخيرة التي كانت فيه حركة النهضة في سدة الحكم، أظهر وجود خلل في مصير هذه القروض، وما تبعه من خسائر تكبدتها البلاد.
وبدأ الرئيس قيس سعيد خطوات إصلاحية عميقة في تونس بداية من 25 يوليو 2021 بإعلان تجميد البرلمان ذي الغالبية الإخوانية، ثم حله لاحقا، وإقالة الحكومة، وتبع ذلك تغييرات في القضاء وكافة مؤسسات الدولة، ووصلت في 25 يوليو 2022 إلى الاستفتاء على دستور جديد للبلاد، يتبعه إعداد قانون للانتخابات وتنظيم عمل الأحزاب والمنظمات وشروط تمويلها، ثم تختم الخارطة السياسية بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.