واشنطن تصرعلى بقاء الحصانة الأمريكية على أموال العراق؟!
فرضت الأمم المتحدة قيودا على الأموال العراقية في الخارج، عقب دخول صدام حسين إلى الكويت في الثاني من أغسطس/أب 1990، وعلى مدى ثلاثة عقود ورغم خروج العراق من الفصل السابع إلى السادس لميثاق الأمم المتحدة والذي يتيح له الحصول على أمواله المجمدة بالخارج.. لا تزال واشنطن تفرض حصانة على تلك الأموال في بنوكها الفيدرالية.
وعقب زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت سلطات البيت الأبيض أنها لن ترفع حصانتها عن تلك الأموال.. وهو ما رحبت به بغداد.. أيهما أكثر فائدة للعراق رفع الحصانة أم الإبقاء عليها ولماذا؟
بداية يقول الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور عبد الرحمن المشهداني، إن: “الأموال الحكومية العراقية في بنوك أمريكا، فرضت واشنطن حماية عليها منذ عهد الرئيس جورج بوش، واستمرت تلك الحصانة التي تجدد بشكل سنوي حتى الآن، كما أن هناك حماية دولية أيضا على تلك الأموال، لأن العراق يدفع تعويضات عن دخوله للكويت، تلك التعويضات قاربت على الانتهاء، لأن المبلغ المتبقي أقل من ملياري دولار، ومن المتوقع تسديده خلال الأيام القادمة”.
الحصانة الأممية
وأضاف:، كانت التوقعات بأنه إذا تم دفع تعويضات الكويت بالكامل، فإن الحماية الأممية المفروضة سوف تسحب عن الأرصدة التي تعود للحكومة العراقية بالخارج، وبكل تأكيد هناك أرصدة، لأن مبيعات النفط هى مبيعات للحكومة العراقية، في نفس الوقت هناك الكثير من طلبات الدائنين سواء حكومات أو قطاع خاص التي تنتظر تلك الخطوة من جانب المنظمة الدولية لكي تقوم بالحجز على تلك الأموال من أجل استيفاء حقوقها المادية، وهناك الكثير من الأحكام القضائية بالحجز ومن بينها عدد أمام المحاكم الأمريكية وغيرها.
وأشار المشهداني إلى أن، الكاظمي حصل اليوم على وعد من الرئيس الأمريكي جو بايدن، باستمرار الحماية على الأموال العراقية الموجودة في الخارج، وسوف تطلب واشنطن من الدول الأخرى في مجلس الأمن أن تتخذ نفس القرار بعدم رفع الحصانة، حتى لا تكون تلك الأموال مشاعا بين الدائنين.
وأوضح أن هذه الحصانة المفروضة من الجانب الأمريكي ليست على أرصدة ثابتة، إنما أيضا على أموال دورية، حيث تصل مبيعات النفط الشهرية إلى ما يقارب ستة مليارات دولار، حيث توضع تلك المبالغ في البنك الفيدرالي، ويتم تحويلها إلى البنك المركزي العراقي لكي يتم تمويل الخطط الحكومية المنصوص عليها في الموازنة، حيث أن أموال البنك المركزي العراقي محمية بواسطة البنك الاحتياطي الفيدرالي، كون المركزي العراقي مؤسسة مستقلة وفق القوانين الدولية بعد العام 2003.
وتابع: “أما بالنسبة للاستثمارات الموجودة بسندات الخزينة الأمريكية والتي تقدر بحوالي 34 مليار دولار، هذه الأموال تستثمر بفائدة بسيطة ربما تكون أقل من واحد بالمئة”.
فرض الحظر
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن: “الاستثمارات العراقية في السندات الأمريكية، لا يتاح لبغداد أن تسحبها دفعة واحدة ولكن على مراحل، وتعد تلك السندات استثمار أمين للبلاد، لوجودها في وزارة الخزانة والبنك الفيدرالي الأمريكي، وللعلم بقاء الحماية الأمريكية والأممية على الأموال الحكومية يعد مكسبا لبغداد، لأن هناك دائنين للعراق ومعهم أحكام بحوالي ثماني مليارات دولار لشركات عالمية متعددة، تلك الشركات كانت تنتظر رفع الحصانة لكي تستولي على أموال عراقية، ليس بالضرورة أموال نقدية فقد تكون عقارات وأراضي”.
المال السايب
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي العراقي، الدكتور رحيم الكبيسي، أن مشكلة الأجهزة السياسية والمعنية في العراق أنها لا تعرف ما تقول لأن معظمهم لا يعين في منصه على أساس الكفاءة، وإنما عن طريق المحاصصة الحزبية.
وأضاف: “كل الأموال العراقية ما بعد العام 1990 محمية في البنك الاتحادي الفيدرالي الأمريكي، فإذا ما تم رفع الحصانة الأمريكية عن تلك الأموال الحكومية، سوف نجد مطالبات من كل الشركات ومن بينها الكويتية التي يتم دفع تعويض لها حتى الآن عن احتلال العراق لها، وبمجرد رفع الحصانة الأمريكية عن تلك الأموال ستكون عرضة لتنفيذ عمليات الحجز لصالح الدائنين”.
وأكد الكبيسي على أن: “رفع الحصانة عن الأموال الحكومية العراقية، سيدفع كل الشركات الدائنة للحجز على أموال العراق في أي مكان بالعالم، كما يحدث في ليبيا الآن، حيث أن هناك مئات الحجوزات من جانب الدائنين على أرصدة ومقدرات ليبيا حول العالم وفاء للديون، هذا راجع إلى أن تلك الأموال بدون حصانة دولية، فإذا ما تم رفع الحصانة عن الأموال العراقية ستصبح مثل المال المشاع تتقاذفه الإدارات الحكومية والشركات الدائنة، لذا فإن بقاء تلك الأموال تحت الحصانة فيه فائدة كبيرة للبلاد، إلى أن تأتي حكومة وطنية وتطلب رفع تلك الحصانة”.
وكانت الجهات القانونية الأمريكية قد أكدت لمحافظ البنك المركزي العراقي، أن جميع احتياطيات وأموال البنك المركزي العراقي محصنة ولا يمكن لأية جهة الحجز عليها، وأن واشنطن ستدافع عن حصانة تلك الأموال لدى بقية الدول ولا يمكن المساس بهذه الاحتياطيات.
وقال بيان للمركزي العراقي نشرته “السومرية نيوز”، أن “تلك الجهات القانونية الأمريكية أكدت أن أموال واحتياطيات البنك المركزي العراقي محمية بموجب القوانين المتبعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتعهدت بالدفاع عما موجود منها في البنوك المركزية والمصارف في الدول الأخرى”.
وشهد العراق احتجاجات عارمة في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019 بشكل عفوي، ورفعت مطالب تنتقد البطالة، وضعف الخدمات العامة والفساد المستشري والطبقة السياسية التي يرى المتظاهرون أنها موالية لإيران أو الولايات المتحدة أكثر من موالاتها للشعب العراقي.