مصادر رفيعةٍ في المؤسسة الأمنيّة الاسرائيلية : بدأ العدّ التنازليّ لنهاية حكم رئيس السلطة محمود عباس
في إطار تناول تداعيات تأجيل أوْ إلغاء الانتخابات الفلسطينيّة في سلطة الحكم الذاتي، سلطّت صحيفة عبريّة الضوء على دلالات عملية إطلاق النار التي وقعت أمس الأوّل في مدينة نابلس بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، مؤكّدةً أنّها تدل على عهدٍ جديدٍ، بدأ فيه العدّ التنازليّ لنهاية حكم رئيس السلطة محمود عباس.
وأشارت الصحيفة، التي اعتمدت على مصادر رفيعةٍ جدًا في المؤسسة الأمنيّة إلى أنّ عملية إطلاق النار وقعت من قبل سيارة عابرة عند حاجز “زعترة” جنوب مدينة نابلس، أدت إلى وقوع ثلاث إصابات في صفوف المستوطنين، إحداها خطرة للغاية.
وأكّد مُحلِّل الشؤون الأمنيّة والعسكريّة في الصحيفة، الخبير أليكس فسشمان، المعروف بصلاته الوطيدة مع كبار صُنّاع القرار في تل أبيب، أكّد أنّ هذه العملية “تدُلّ على عهدٍ جديدٍ، وبداية محتملة لهزّة أرضية في رام الله، تهز كل الحارة” وفقا لوصفه.
وفي التفاصيل كتب المُحلّل فيشمان أنّه “من اللحظة التي أعلن فيها عبّاس تأجيل الانتخابات، بدأ العدّ التنازليّ لنهاية عهد حكمه، وكلّ ما يجري من تلك اللحظة؛ سواءً في المجال السياسيّ وفي مجال العمليات الفلسطينيّة في الضفّة وفي غزّة، ينتمي لفصل صراع الخلافة في الضفة الذي يُهدّد بفوضى فلسطينيّةٍ داخليّةٍ ومواجهةٍ عنيفةٍ مع إسرائيل”.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، أوضح فيشمان، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ “المخابرات والجيش الإسرائيلي يستعدان منذ سنوات لهذا اليوم، ولكنه عندما يأتي، يستقبل بتردّدٍ وبالسؤال: هل يمكن كسب بعض الوقت الإضافي؟ إذن لا؛ يجب البدء بالتعاطي مع السلطة ككيانٍ متفككٍ، إذْ أنّه ليس واضحًا كيف سيبدو بعد بضعة أشهر أوْ سنة”.
ورأت المصادر ذاتها، كما نقل عنها المُحلِّل فيشمان، رأت أنّه “هذا هو الوقت لامتشاق خطط الجارور التي تمّ إعدادها من قبل الجيش والمخابرات كجوابٍ على السيناريوهات المختلفة، والبدء بتفعيل العلاقات التي بنتها إسرائيل في المنطقة، وقدرات الأوروبيين من أجل محاولة التأثير على شكل السلطة في اليوم التالي لعباس”.
وشدّدّ الخبير العسكريّ الإسرائيليّ على أنّه “حتى قبل إعلان عبّاس، بدأ يلوح في أثناء الشهر الأخير ارتفاع تدريجي في حجم العمليات والمواجهات، وكان هناك من نسب الحماسة في القدس إلى أجواء رمضان وقرار الشرطة الإسرائيليّة الأخرق في باب العامود”.
ومضت المصادر الإسرائيليّة قائلةً إنّ “كلّ ذلك صحيح، ولكن الميدان يبدأ بالاشتعال أساسًا، عندما يشعر بأنّه لا توجد فوقه يد موجهة متحكمة، وقد وجد هذا تعبيره في الارتفاع في رشق الحجارة والزجاجات الحارقة على المحاور، وفي إطلاق الصواريخ من غزة، وعملية “زعترة” التي وقعت في مفترقٍ مركزيٍّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة؛ وهكذا يبدو وسيبدو عهد حرب الخلافة”، على حدّ تعبيرها.
ونبهت الصحيفة، إلى أنّه “منذ أكثر من أربعة أشهر، والسلطة لا تقترب (ملاحقة) من رجال حماس، وبالتوازي زادت حماس في القطاع من حجم نشاطها في الضفة، ورب البيت في رام الله آخذ في الذوبان، والناس حوله يتفرقون، ويجمعون لأنفسهم مواقع قوة، والمواجهة بين الأطراف – تجري حاليًا تحت السطح – من شأنها أنْ تتفجر بشكلٍ عنيفٍ”، على حدّ تعبير المصادر ذاتها.
ولفت فيشمان إلى أنّ “إسرائيل هي التي ستحتمّل موجة الاشتعال هذه، ولم نرَ بعد الاحتجاج الشعبي المتوقع في الشارع الفلسطينيّ على إلغاء الانتخابات، وفي هذه الأثناء يظهر هذا أساسًا في شبكات التواصل الاجتماعيّ”، قالت المصادر الرفيعة في تل أبيب للصحيفة العبريّة.
بالإضافة إلى ذلك، قدّرت المصادر أنّ “أجواء كهذه تؤدي إلى اضطراباتٍ في الشارع وعملياتٍ ضدّ الإسرائيليين، إذا لم يستوعبوا في إسرائيل أنّنا على شفا عهد جديد، والعملية في مفترق (زعترة) ستكون مؤشرًا آخر يبشر بانتهاء أيام الهدوء النسبي بين الانتفاضتين وحتى لو واصل عبّاس التمسّك بكرسيه، وسيكون زعيمًا عديم الوزن”.
ولفتت المصادر في ختام التحليل، وفق فيشمان، إلى أنّه “يمكن لإسرائيل منذ الآن أنْ تُسجِّل لنفسها تفويتًا تاريخيًا لفرصة وجود الزعيم الأكثر اعتدالاً الذي شهدته السلطة بعد عهد الراحل ياسر عرفات”، مؤكّدةً في الوقت عينه أنّه “لا أحد يعرف كيف سيبدو الوضع بعد عهد عباس”.
يُشار في هذه العُجالة إلى أنّه على الرغم من مرور يوميْن كامليْن على عملية (زعترة)، لم تتمكّن قوّات أمن الاحتلال من إلقاء القبض على الفدائيّ الذي قام بتنفيذ العملية، وبحسب الناطِق بلسان جيش الاحتلال، فإنّ مُلاحقته ما زالت مُستمرّةً.