تفاصيل وأسرار جديدة عن السفينة الجانحة في قناة السويس… ماذا حدث العام الماضي؟
كشفت تقارير صحفية عالمية، تفاصيل وأسرار جديدة عن السفينة العملاقة الجانحة في قناة السويس.
ونشرت صحيفة “الفايننشيال تايمز” البريطانية تقريرا حول ما فعلته سفينة “إيفر غيفن” الجانحة في قناة السويس، والتي تسببت في توقف حركة الملاحة بها.
وقالت الصحيفة البريطانية إن “سفينة الحاويات الجانحة، تعتبر من الفئة الذهبية للحاويات، لذلك فإن جنوحها على أحد جوانب قناة السويس وتسببه في إيقاف حركة التجارة بين أوروبا وآسيا، يعتبر أمرا استثنائيا”.
ونقلت “الفايننشيال تايمز” عن شركة “إيفرغرين مارين” المسيرة للسفينة الجانحة، قولها في رسالة عبر البريد الإلكتروني، إن “السفينة واجهت عاصفة مفاجئة من الرياح القوية، مما تسبب في انحراف جسم السفينة عن مسارها وتشغيلها عن طريق الخطأ وجنوحها”.
ليس تقليديا
ولكن، قالت الصحيفة البريطانية إن جنوح السفينة العملاقة تلك المرة ليس تقليديا، فحوادث الجنوح يمكن أن تكون معتادة، خاصة في الممرات المائية الضيقة نسبيا مثل قناة السويس.
وقالت إن نسبة جنوح السفن في تلك الممرات يمكن أن يكون بنسبة 1 إلى 4، ويكون علاجها سهلا، بحفر كتفا في تلك الرمال التي جنحت فيها السفينة وتنتظر قاطرة لتخرجها.
ولفتت الانباه إلى أنه في مارس/آذار العام الماضي 2020، تعرضت سفينة “أو أو سي إس” اليابانية، وهي سفينة حاويات عملاقة بحجم “إيفر غيفن” إلى عطل ميكانيكي في قناة السويس، وفقدت التوجيه وجنحت إلى الشاطئ.
ولكن أعيد تعويم السفينة بعد عدة ساعات فقط، واستمرت في طريقها، ولم تتوقف حركة الملاحة في القناة الأهم عالميا.
ولكن قالت إن ما حدث مع “إيفر غيفن” يبدو أنه أكبر من مجرد الانجراف نحو الشاطئ، لأن القسم الذي جنحت فيه المفترض أنه مبطن بالصخور لمنع انجراف السفن تجاه الرمال.
وما حدث وفقا لـ”الفايننشيال تايمز” هو أن “إيفر غيفن” اخترقت الحواجز الصخرية بزاوية حادة شديدة الانحدار وارتطمت بالرمال الناعمة خلف الصخور.
جو عاصف
ورصدت الصحيفة البريطانية ملابسات جنوح السفينة، بقولها “الجو كان عاصفا على طول قناة السويس، حيث بلغت سرعة الرياح ذروتها فوق 30 ميلا في الساعة”.
ولكن الصحيفة قالت إن هذا ليس مبررا لجنوح السفينة، لأن سرعة الرياح بلغت تلك النسبة مرتين في عام 2020 بالموقع ذاته في مارس 2020 وفي مايو/أيار 2020.
وأكثر ما يثير الدهشة، بحسب الصحيفة، هو ما ذكره إيفرت لاتير، رئيس قسم التكنولوجيا البحرية في جامعة غينيت البلجيكية، الذي أمضى يومه في متابعة فيديوهات جنوح السفينة، والذي قال: “لا أدري كيف يمكن أن تجنح سفينة بذلك الحجم بتلك الطريقة، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات أو تسرب نفطي”.
ولكن الأزمة كانت بالنسبة للاتير، هو أن “إيفر غيفن” كانت محملة بصورة أكبر مما هو معتاد بالحاويات، حيث من المعتاد أن تحمل السفن نحو 800 حاوية، لكن تلك السفينة كانت تحمل أكثر من 2000 حاوية، وهو ما يجعلها بمثابة “وحش سمين”.
وتابع “كلما زاد عدد الحاويات التي يمكنك تكديسها في سفينة واحدة، كلما قلت التكلفة الهامشية، لكن وفق هندسة السفن، هذا لا يجعل السفن يطول حجمها، بل يزداد وزنها، وتصبح قدرتها على المناورة أضعف”.
لقطات محيرة
وقال لاتير إن هناك لقطات أخرى محيرة في مقطع الفيديو الخاص بجنوح السفينة، فقبل الجنوح كانت السفينة تتحرك شمالا، وكانت هناك رياحا غربية قادمة من يسار السفينة، فدفعتها تجاه اليمين.
وتابع بقوله “إذا كنت تتجه إلى ناحية اليمين، فينبغي أن تسيّر السفينة ناحية اليسار حتى تتمكن من السير في خط مستقيم وتخرج من ذلك الموقف الصعب، لكن هذا لم يحدث من قبل قائد السفينة”.
واستمر بقوله “بعدها بـ4 ثوان غادرت السفينة منطقة الرياح وكان هناك نوع من الهدوء، وهذا يعني أن إيفر غريفن تم تعديل مسارها ناحية اليسار، لذلك كان عليه ضبط الدفة، ولكنه في المقابل احتضن الدفة المواجهة للرياح وتخطى الجدار الصخري مرتطما في الرمال، بطريقة محيرة للغاية”.
الجدير بالذكر أنه في 23 آذار / مارس، علقت السفينة المملوكة لليابان “إيفر غيفن” البالغ طولها 400 متر وطاقتها الاستيعابية 224 ألف طن في قناة السويس خلال عاصفة رملية وسدت الممر المائي الذي يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وتمر عبره أكثر من 10% من التجارة البحرية العالمية.
وأعلنت بعدها الهيئة تعليق حركة الملاحة مؤقتا، فيما تواصل ثمانية زوارق، جهود تعويم سفينة حاويات عملاقة، تعرضت للجنوح في الجزء الجنوبي من القناة، قبل يومين.
وكشف مصدر في شركة “غاس” للخدمات الملاحية بقناة السويس، أن عملية تخفيف حمولة السفينة الجانحة، صعبة للغاية، مشيرا إلى أنها تبدو مستحيلة.
وقال المصدر إن عرض السفينة يستوعب عرض القناة بالكامل، ومن الصعب دخول معدات وأوناش بحذائها لرفع الحاويات المحملة بها.
وأعلنت هيئة قناة السويس في بيان، الخميس، أنه يتوجب إزالة ما بين 15 إلى 20 ألف متر مكعب من الرمل، في سبيل تعويم سفينة الحاويات العملاقة التي جنحت بالقناة منذ الثلاثاء.
وقالت: “تهدف أعمال التكريك إلى إزالة الرمال المحيطة بمقدمة السفينة بكميات تكريك تتراوح من 15 إلى 20 ألف متر مكعب من الرمال يتم طردها عبر خطوط طرد خارجية خاصة بالكراكة، للوصول للغاطس الملائم لتعويمها والذي يتراوح من 12 إلى 16 مترا”.