مشردون في شوارع المغرب… معاناة تتفاقم وحقوقيون ينددون
تتباين الأرقام والإحصاءات الخاصة بأعداد المشردين في شوارع المغرب، وكذلك فيما يتعلق بالأعداد التي ما زالت تجوب الشوارع حتى الآن رغم جائحة كورونا والفيضانات.
قبل أيام لقي مشرد مصرعه في مراكش، متأثرا بموجة البرد القارس التي تشهدها المدينة الحمراء في الآونة الأخيرة.
وعثر على الضحية جثة هامدة داخل أنبوب إسمنتي، بحسب “هسبريس”، الأمر الذي دفع منظمات المجتمع المدني وبعض المبادرات على مواقع التواصل للإسهام في إيوائهم، حيث يصف البعض هذه المبادرات بـ “الأيادي البيضاء” لمحاولاتهم المساعدة في الأمر.
أرقام رسمية؟
وبشأن دقة الأرقام المتداولة عن المشردين في الشوارع الذين تقدر أعدادهم بالآلاف، قالت وزيرة المرأة والأسرة جميلة المصلي في حوار سابق لـ”سبوتنيك”: “تروج العديد من الأرقام التي ذكرتها بعض وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أرقام غير صحيحة، ولا تمت للواقع بصلة”.
المصلي، كشفت جزءا من استراتيجية الحكومة، لمواكبة الأشخاص بدون مأوى، الذين يوجدون في وضعية الشارع، معلنة أن هذه الفئة تعيش الهشاشة وعرضة لمختلف المخاطر الصحية والاجتماعية.
وأوضحت المصلي خلال وجودها في الغرفة الثانية للبرلمان المغربي الثلاثاء الماضي بحسب ما نقلت الصحافة المغربية، أن “هناك برامج حكومية، منها ما هو دائم ومستمر، وبرامج استثنائية كلما دعت إليها الضرورة، مثلما حدث في جائحة كورونا والبرد الشديد”.
حصيلة الحجر الصحي تمثلت في تجهيز 160 فضاء بمشاركة جماعات محلية وسلطات عمومية.
وبحسب الوزيرة تم إيواء 6 آلاف شخص في شهر مايو 2020، كما أعيد 4 آلاف شخص إلى عائلاتهم.
تبرع بنصف ثروته
في مطلع العام الجاري، ومنذ أيام تبرع رجل أعمال سويسري بمليوني يورو، وهو ما يعادل نصف ثروته، لإيواء 100 من الأطفال اليتامى والمتخلى عنهم بجهة مراكش.
وقال رجل الأعمال المدعو “هيبرت” في مقطع مصور، أنه تحدث لأبنائه الذين جلبهم إلى المغرب، قائلا “والدكم سيعطي معنى آخر لنصف ميراثه”.
وأكد سعادته بالخطوة كما دعا إلى ضرورة المساعدة في تحقيق المشروع الاجتماعي والإنساني، الذي يهدف إلى بناء ملاذ آمن للأطفال.
معاناة مضاعفة
في الإطار قالت خديجة الرباح، المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، إن معاناة هذه الفئة زادت بدرجة كبيرة خلال جائحة كورونا، وكذلك الفيضانات التي عرفها المغرب مؤخرا.
وأضافت أنه رغم الجهود المبذولة لتجميع الأطفال والنساء والرجال المشردين، إلا أن بعض هؤلاء ما زالوا في الشوارع حتى الآن.
وترى أن الجهود غير كافية نظرا لغياب الإمكانيات المادية ودعم الدولة لتقديم المساعدات للجمعيات المتهمة بهذه الفئات، ومساعدتها على التغلب على الظاهرة.
جهود وعراقيل
من ناحيته قال عبد الإله الخضري رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن هناك بعض المساعي لإيواء وإطعام المشردين، خاصة في هذه الظروف المناخية الصعبة، من لدن السلطات بكل أنواعها، وكذلك من خلال انخراط فعال وإيجابي من لدن فعاليات المجتمع المدني.
وأضاف أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا هاما في هذا السياق، وأن تكاثر ما يمكن تسميتها بـ”الأيادي البيضاء”، إلا أن الخلل يظل قائما.
وشدد على تزايد ظاهرة التشرد، سواء في الحواضر أو الأرياف، في مقابل أن البنية التحتية الخاصة باحتضان المشردين، ذات طاقة استيعابية ضعيفة جدا.
ويرى أن رصد ميزانية ضحلة لقطاع الرعاية الاجتماعية له بعض الأثر، حيث إن وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة تعاني من نقص حاد على مستوى الإمكانيات المرصودة لحماية هذه الفئة.
وتابع: ” يبدو أن الحكومة المغربية لا تضع هذه المعضلة ضمن أولوياتها، في حين تبقى منظمات المجتمع المدني تصارع الأمرين، للحفاظ على وجودها في الميدان رغم الإكراهات العديدة، المادية والوجستية”.
وفي وقت سابق قالت وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة في المغرب، جميلة المصلي، إن الوزارة اتخذت العديد من التدابير تجاه الفئات المتضررة من جائحة كورونا.
وأجابت الوزيرة بشأن الإجراءات المتخذة تجاه المشردين في الشوارع، وما قدمته الوزارة لهم، قائلة:
الأشخاص في وضعية الشارع، هم فئة من المواطنين الأكثر عرضة للإصابة بالوباء، بحكم الظروف التي يعيشون فيها.
وأوضحت أن الوزارة بادرت بتنسيق مع مؤسسة التعاون الوطني، ومع السلطات المحلية والمجتمع المدني والمحسنين إلى تنسيق جهودهم وتنفيذ إجراءات استعجالية ميدانية.
وبحسب المصلي، خصصت الوزارة مساهمة مالية قدرها 25 مليون درهم في إطار اتفاقية شراكة مع التعاون الوطني، من أجل توفير خدمات المساعدة الاجتماعية لفائدة الأشخاص في وضعية الشارع وحمايتهم من خطر انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وذلك من خلال تعبئة وتهيئة وتجهيز فضاءات للتكفل بهم، وتقديم الخدمات الضرورية كالاستقبال والإيواء والإطعام.
وقالت: “أحدثت الوزارة لجنة مركزية على مستوى التعاون الوطني ولجان إقليمية لليقظة، من مهامها متابعة وضعية هذه الفئات من المجتمع وتهيئة فضاءات للإيواء وتعقيمها، ونظمنا دوريات لرصد الأشخاص في وضعية الشارع وجمعهم بإشراف المجتمع المحلي”.
وكشفت الوزيرة عن الأعداد التي جرى إيواؤها حدود 30 مارس/آذار، وهم 3473 شخصا، بدون مأوى، وإرجاع 260 إلى أسرهم.
وأشارت إلى أن مجموع الأشخاص المتكفل بهم يمثلون قرابة 77% من الذكور، فيما يمثلن النساء قرابة 8%، والأطفال يمثلون 11%.