الصحة

من طفل منطوٍ إلى اجتماعي

كلنا متماثلون ولكنا أيضا مختلفون. مقولة قديمة تعني أن جميعنا لدينا نفس الطبيعة البشرية (الجسد، العقل، الأفكار، المشاعر) ومع ذلك فكل شخص فريد من نوعه ومختلف ومتميز عن غيره. لا يوجد شخصان متشابهان لأن طريقة تفكيرنا وشعورنا تختلف عن الآخرين. لذلك يوجد نمطان من الشخصيات: الشخصية الانطوائية والشخصية الاجتماعية.

تتعرض بعض الأسر للتساؤلات الدائمة حول طفلها الانطوائي. كيفية التعامل معه، وما هي الوسائل التي تساعده ليصبح اجتماعيا ويندمج داخل المجتمع والأسرة التي يعيش فيها.

أن يكون لديك طفل انطوائي داخل أسرتك أمر لا يستدعي الخوف والحذر والشعور بأن طفلك يختلف عن باقي الأطفال. أولاً، لا بد من التعرف على الطفل الانطوائي وسماته، ثم سبل تطوير مهاراته الشخصية من أجل دمجه في المجتمع وتعديل سلوكه.

الانطواء عرض أم مرض

قبل التعريف عن صفات الشخصية الانطوائية، لابد من التركيز على كون هذه الصفات عرضا بسيطا يمكن تعديله أم أنه سلوكا مرضيا؟

صفات السلوك الانطوائي المرضي

  • رفض الوجود مع الآخرين وكره تواجد الأشخاص حوله
  • العنف في السلوك مع الآخرين ولا كره اللعب معهم
  • كسر الألعاب ورفض لعب غيره بلعبهم الخاصة
  • عدم إجادة التواصل الجسدي مثل احتضان الأبوين أو الإخوات والأقارب
  • ظهور بعض المشاكل والحيل الدفاعية اللاشعورية عليه مثل (شد الشعر بقسوة)

في حال رأيت تلك الصفات في طفلك فلا بد من التدخل في مشكلته بشكل مختلف.

صفات الشخص الانطوائي

الشخص الانطوائي شخص مستقل يحب العزلة ويقضي معظم الوقت في الاستمتاع بعزلته. يشحن بالعزلة طاقته على عكس الاجتماعي الذي يشحن طاقته من خلال تفاعلاته مع الآخرين. الانطوائيون ينشغلون بأفكارهم ومشاعرهم الخاصة، لذلك يحتاجوا إلى الكثير من المساحة الشخصية، فهم يشعرون بالراحة والنشاط أكثرعندما يكونوا بمفردهم، يفضلون الأنشطة الفردية (كالكتابة، القراءة، الرسم، الاستماع إلى الموسيقى). الانطوائيون يتميزون بالذكاء والقدرة على التركيز والإبداع. وفي حالة الحديث فالانطوائي يستمع أكثر من أن يتكلم وفي الحقيقة فهو يفكر أكثر من مرة قبل الحديث. الانطوائيون لديهم خوف اجتماعي من الآخرين، وليس خجلاً منهم كما يختلط الأمر على الكثير فيظنون أن الشخص الخجول هو شخص انطوائي. والخجل حالة انفعالية نفسية تصاحبها الانطوائية، وينتج عن ذلك خوف اجتماعي وصعوبة في تكوين الصداقات بسهولة. ولكن الصداقت لديهم تكون عميقة الجذور إن وجدت. يكره الانطوائي التغير لذلك لا يتكيف بسهولة مع المواقف الجديدة والمفاجآت.

ما هي الوسائل التي تساعدك على التعامل مع الطفل الانطوائي وجعله اجتماعيا أكثر؟

إليك بعض النقاط التي تساعدك في التعامل مع الطفل المنطوي ودمجه أكثر في المجتمع.

تقبل طفلك

لا تحاول أن ترفض سلوك طفلك بل أقبله كما هو. إحساس طفلك أنك تتقبل ما هو عليه، هو إحساسه بأنك تحبه وتتفهمه. فالطفل المنطوي حساس عاطفيا ويتأثر بكل ما يدور حوله. وأي محاولة لإجباره على أي نشاط لا يحبه هو بمعني رفضك له ولطبيعته وعدم تقبلك لما هو عليه. ركز على تعديل السلوك فقط ولا تظهر رفضك. شجعه على تكوين المزيد من الصداقات داخل أنشطته الفردية، ولا تلومه حينما يخطئ أو على ردود أفعاله للأحداث المحيطة. لا تصفه بأي صفات تدل على الوحدة والعزلة، ولا تشعره بأنك تراقبه وتتابعه دوما حتى لا يشعر أنه محط اهتمام فتتزايد مشاكله مع العزلة والانطواء.

ادعم طفلك

الطفل الانطوائي لا يحتاج أكثرمن (الحب،و الدعم، والتشجيع)، ومساعدة في التغلب على الأزمات التي تواجهه مثل (عمل مشروع جماعي في المدرسة مثلا). يتطلب هذا وجود أصدقاء بينما هو لا يستمتع بالأنشطة الجماعية مثل بقيه الطلاب. لذا عليك محاولة مساعدته في ذلك الأمر وجعل تلك النشاطات ممتعه ومحببة له.

امنحهم الفرص لتعزيز الثقة

إن محاولة إكساب الطفل الانطوائي ثقته بنفسه تكون من خلال تحدياته في التحدث عن نفسه أمام الآخرين والتواصل البصري معهم والسؤال عما يريد التعبيرعنه. مثال: خلال التسوق أو تناول الطعام في إحدى المطاعم اجعله يذهب ويختار بنفسه ويقوم بشراء ما يريد دون أن يشعر أنك تدفعه من أجل التعامل بشكل واضح، كما يطلب جميع أفراد الأسرة وجباتهم الخاصة بنفس الطريقة مما يشعره أنه لا يختلف عنهم أبدا.

تطوير مهاراته والتركيز على نقاط القوة

إن دمج الطفل الانطوائي داخل المجتمع المنفتح وإكسابه مهارات جديدة وتطويرها يكون عن طريق الألعاب الجماعية التي تساعده على معرفة وتكوين صداقات جديدة، وكسر حاجز الخجل، والشعور بالمتعة أثناء اللعب، وأيضا عن طريق الألعاب التعبيرية التي تساعده على التحدث ووصف ما يشعر به. وأيضا محاولة التعرف والتركيزعلي نقاط قوة طفلك الانطوائي وتشجيعهم على المشاركة في أشياء تتفق واهتمامتهم سيؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية مثل (التفوق في الرياضيات الفردية مثل السباحة بدلاً من الرياضيات الجماعية).

إن تربية طفل منطوي في عالم منفتح أمر صعب ويحتاج إلى الكثير من الصبر والمرونة، ومع ذلك يكمن مفتاح النجاح في رؤية الانطواء على أنه قوة يستطيع تسخيرها لصالحه بدلا من الخوف منها، كما يمكنها خدمة الأسرة ذاتها في تقوية أواصرها وبناء ذكريات جميلة مليئة بالدعم والحب والتفاهم. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى