“أبواق المقاطعة” تنطلق في مواجهة عباس.. هاجموا دحلان عندما طالب بحقوق غزة
تعالت مؤخرا أصوات من داخل حركة فتح تطالب برفع الظلم والمعاناة عن أهلنا في قطاع غزة، ودعا أصحابها الحكومة إلى إعادة صرف الرواتب المقطوعة، واعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بشأن تسوية أوضاع الموظفين في رواتبهم ووقف الخصومات التي امتدت للعام الرابع على التوالي، ووقف سياسة التمييز الجغرافي مع الموظفين والتراجع عن ملف التقاعد الادار والمالي، وهو الأمر الذي لطالما عارضوه من قبل وقت أن طالب به تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، منذ سنوات طويلة، بل هاجموه وكانوا عونا في كتابة التقارير الكيدية لكل من كان ينادي بانصاف غزة وأبناء فتح وموظفي السلطة، بل بارك البعض سلب حقوق غزة وسلب حقوقه الشخصية من أجل الولاء للسلطان محمود عباس والمحيطين به.
إن الأصوات التي تعالت مؤخرا هي أصوات محقة ومطالبها محقة وإن جاءت متأخرة فهو خير من ألا تأتي، حيث إن واقع التمييز الذي فرضه الرئيس عباس وبعض الطارئين، في طريقة التعاطي والتعامل بين غزة والضفة والقدس على المستويين الحكومي والتنظيمي، لهو أمر كان لا بد التصدي له منذ سنوات ومن كل أطياف الشعب الفلسطيني بعيدا عن التوجهات السياسية والخصومة بين الفصائل أو حتى داخل الفصيل الواحد لطالما الأمر تعلق بقوت المواطنين وباحتياجاتهم المعيشية التي طالت بعد تفشيها كل مناحي الحياة.
أبرز هذه الأصوات كان لعضو مركزية عباس أحمد حلس أبو ماهر، والذي راح يشدد على خطأ قرارات سلطة الرئيس محمود عباس بحق موظفي غزة، مستعرضًا قرار الحكومة في العام 2007 الذي دعت فيه جميع الموظفين إلى عدم الدوام، بمعنى أن أي حديث اليوم من قبل أيا كان حول موظفين يتلقون رواتبهم وهم لا يعملون يجب أن يوجه لمن اتخذ القرار وليس لمن التزم به.
وأضاف أبو ماهر، في رسالة مطولة، أنه على مدار السنوات السابقة لم تتوقف الإجراءات بحق الموظفين، ففي عام 2013 تم قطع جميع العلاوات بما في ذلك بدل المواصلات وطبيعة العمل وغلاء المعيشة وبدل المخاطرة، وتم وقف الترقيات والدرجات اعتبارا من 2017 هذا الراتب الذي كان يسمى 100%، وفي عام 2017 بدأ صرف الراتب بنسبة 70% ثم بنسبة 50% وهذه الخصومات لم تكن مرتبطة لا بالأزمة المالية ولا بحجز أموال المقاصة وإنما إجراء خاص بموظفي غزة.
وأشار حلس، الذي لطالما سلط سهام نقده لتيار الإصلاح الديمقراطي عندما طالب بنفس المطالب منذ عام 2014، قائلًا “لقد تفننت الحكومات السابقة باختراع وسائل وقرارات لا يوجد لها تفسير قانوني أو وطني، وخير دليل إحالة اكثر من 7500 موظف لما يسمى بالتقاعد المالي والذي أكثر ضحاياه هم العاملين بالقطاع الصحي والتعليم وهم على رأس عملهم بقرار من الحكومة ورغم الإقرار بعدم قانونيته والوعود بإلغائه فإن شيئاً من هذا لم يحدث، ومنذ عام 2007 وحتى الآن لم تتح أي فرصة للتوظيف لأبناء غزة وتحديدًا أبناء فتح الذين لم يستفيدوا من فرص العمل التي وفرتها حماس وحرموا أيضاً من العمل في مؤسسات السلطة الوطنية فأصبح عشرات الآلاف من الخريجين والعاملين في هياكلنا التنظيمية من أعضاء مناطق ومكاتب حركية وشبيبة لا يملكون أي مصدر دخل ولا حتى بارقة أمل.
وكان حلس قد دأب على مهاجمة تيار الإصلاح الديمقراطي وقائده الوطني محمد دحلان عندما دعا إلى نفس المطالب قبل سنوات، حيث قال سفيان أبو زايدة عضو المجلس الثوري لحركة فتح في مارس/ آذار 2014، إنه “للأسف الشديد اتضح وبعد ان نزلت الرواتب للبنوك بأن العشرات من أبناء فتح قد تم بالفعل قطع رواتبهم، والسبب كما تم نشره هو “لمناهضتهم للسياسة العامة لدولة فلسطين”، مضيفًا “إذا كانت الذريعة التي تم الاستناد لها مناهضتهم للسياسة العامة لدولة فلسطين كما علمت، هذه تهمه كبيرة وخطيرة تستحق ربما أكثر من قطع راتب، ولكن كيف وما هي السياسة العامة لدولة فلسطين التي عارضها وناهضها هؤلاء، وهل تم إبلاغهم أو تحذيرهم أو تقديمهم للقضاء، مشيرًا إلى أن السلطة الفلسطينية قطعت في 2007 رواتب 97 من أنصار محمد دحلان العاملين في أجهزة السلطة حسب نص القرار لمخالفة السياسة العامة للسلطة الفلسطينية.
وفي العام الماضي 2019، أكدّ المتحدث باسم “تيار الإصلاح الديمقراطي” عماد محسن، قطع السلطة الفلسطينية لرواتب العشرات من كوادر الحركة وعوائل الشهداء والجرحى، في مجزرة يرتكبها رئيس السلطة ضد أبناء شعبه، حيث جاء تعقيب محسن حين كافئ الرئيس عباس غزة بمناسبة العام الجديد بقطع رواتب الألاف ما بين موظفين وأسرى محررين وشهداء وجرحى
وقال محسن في حينه، إن السلطة قطعت رواتب عشرات المناضلين من الحركة الذين أمضوا زهر شبابهم تحت راية فتح، وذنبهم أنهم ينادون بوحدة الحركة وإنهاء الإقصاء والتهميش، مضيفا “آلمنا اكثر قطع رواتب المئات من أسر الشهداء والجرحى”، متسائلا: “من يجرؤ قطع راتب الشهيد وأي عقل ومنطق ودين يقبل تمرير هذه الجريمة”.
وشدد محسن على أن ما حصل يشكل “علامة فارقة تستوجب الغضب والصراخ، لا سيما وان مقدرات الشعب أصبحت تمثل سيفا مسلطا على رقابهم”.
كما أصدر التيار بيانًا في مطلع 2019، جاء فيه “نتوجه بتحية إجلال وإكبار لجماهير شعبنا الباسلة وهي ترسم معالم فجر جديد في مواجهة هذا الكم الهائل من التحديات الداخلية والخارجية، وتثبت قدرتها الأصيلة والمتجددة على الصمود وإسقاط كل المؤامرات المعلنة والخفية لتدمير مشروعنا الوطني وتصفية قضيتنا المقدسة في الحرية والاستقلال.
وأضاف، في الوقت الذي تتصاعد فيه حمى الاستهداف لتمرير المخططات التصفوية والعدوانية ضد شعبنا على كل الصعد وفي مقدمتها ما يسمى “صفقة القرن الأمريكية” وحالة السعار العدواني الإسرائيلي بالتهويد والاستيطان والقتل والاعتقال ومصادرة الأراضي والتمادي في إنكار حقوقنا الوطنية المشروعة، نجد أن هناك من يصر على تفتيت جبهتنا الداخلية وتقويض مقومات وحدتنا الوطنية وإغراق الكل الفلسطيني في متاهات جانبية، ورعاية وتكريس الانقسام البغيض بين شقي الوطن لأسباب لا يمكن أن يفهمها عاقل إلا أنه جزء من المؤامرة الخبيثة على شعبنا وقضيته العادلة.
وتابع البيان، أن إقدام رئيس السلطة في رام الله على التمادي في اتخاذ قرارات قطع رواتب المئات من المناضلين في قطاع غزة جريمة مدانة ومستهجنة لا هدف لها سوى تجويع أبنائهم والسطو على حقوقهم المكفولة بكل القوانين، وهي عمل إرهابي بامتياز، لا ينفصل عن مسلسل السقوط المدوي له ولسياساته ومواقفه التي تضعه في موقع الشبهة وطنياً، وضلوعه في تمرير مخطط فصل قطاع غزة والتخلي عن مسؤولياته الوطنية والدستورية، ونرى في هذا السلوك خطوة على طريق تنفيذ إجراءات عقابية وانتقامية أخرى أشار لها عدد من أبواق المقاطعة أكثر من مرة ضد أهلنا في القطاع الصامد، وهنا فإننا نحمله شخصياً كامل المسؤولية القانونية والوطنية والأخلاقية عن التداعيات المترتبة على هذه الإجراءات السابقة واللاحقة.
إننا في تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يمثل روح فتح وأصالتها نؤكد لرئيس السلطة أننا لن نتوانى عن مواجهة هذه الإجراءات القمعية والانتقامية وسنتصدى لها بكل ما أوتينا من قوة بدعم كل جماهير شعبنا الأبية، ونتمسك بإعادة تصويب البوصلة الفتحاوية إلى شمالها الطبيعي تنظيمياً وسياسياً ووطنياً شاء من شاء و أبى من أبى، وما حدث في إحياء ذكرى الزعيم الخالد أبو عمار وإيقاد شعلة الانطلاقة واحتفاء شعبنا بها إلا أول الغيث، كما أن هذه السياسات العدمية لن تثنينا أو ترهبنا عن مواصلة السير على درب الحرية والانعتاق من الدكتاتورية الدنسة والاحتلال الغاشم على حد سواء.
وكان القائد سمير المشهراوي القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي، أكد في العام 2017 أن “مسؤوليتنا عن الوضع الداخلي أخلاقية، وليست رسمية، واصفا الإجراءات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية تجاه غزة، من منع العلاج والسفر وقطع الرواتب، بالظالمة والمخجلة.
من ناحيته دعا القائد محمد دحلان وعلى مدار 10 أعوام سابقة إلى ضرورة وقف كل الإجراءات العقابية التي تفرض على غزة وعلى أبناء حركة فتح، مستهلا كل فرصة لتوجيه الدعوة لكل مسؤولي السلطة والمنظمة وحركة فتح بضرورة الوقوف عند مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية والإنسانية إزاء الكوارث والأزمات التي صنعتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة بأمر وإيعاز من الرئيس محمود عباس مباشرة، بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني في غزة، محذرا من سلوك يراد به تحويل المناضلين إلى متسولين وفرض عقاب جماعي على كل قطاع غزة.