نصير ياسين الفلسطينى: تصوير مقاطع فيديو مع صديقته اليهودية جعله مليونيراً وقاده إلى الإمارات
أثارت قصة نجاح الشاب نصير ياسين الفلسطيني حامل الهوية الإسرائيلية جدلاً في عالم صفحات التواصل الاجتماعي. اتهمه بعضهم بالترويج للتطبيع مع إسرائيل، والبعض الآخر يقول إنها ضربة حظ عادت عليه بالأموال الطائلة. وأخر أخباره أنه حط في دبي.
وُلد نصير ياسين عام 1992 في بلدة عرابة في الجليل الأعلى لعائلة متوسطة الحال. والده زياد يعمل طبيباً نفسياً في البلدة. والدته أميمة تعمل مدرسة. أما شقيقه الأكبر فهو طبيب أسنان يعمل في ألمانيا. كما إن لديه أختاً تدعى نايا وأخاً يدعى محمد.
في سن 19 عاماً قرر نصير السفر إلى الولايات المتحدة، وكان قد حصل على منحة دراسية في جامعة “هارفارد” بعد أن قال له أحد مدرسيه في القرية: “إن العيش والموت في نفس المكان خطيئة”. أما اليوم فهو يؤكد:” أنا لا أكره إسرائيل بل بالعكس أحبها”. ويضيف: “في إسرائيل يقيّمون الشخص حسب استعداده وعلاماته التي يحصل عليها في امتحان الثانوية، واخيراً، وهو الأهم برأيي، حسب عقيدتك المسجلة في هويتك الشخصية: مسلم أم مسيحي أم يهودي. الأمر كله يتعلق بالهوية”.
بعد أن أنهى دراسته في جامعة هارفرد الأميركية وحصل في عام 2014 على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وعلوم الحاسوب والبرمجة، انتقل نصير ياسين إلى نيويورك للعمل في شركة “باي بال” التي تُعنى بتقديم خدمات الدفع الإلكتروني عبر الإنترنت. وكان مرتبه 120 ألف دولار في السنة.
بعد عام واحد فقط استقال نصير من تلك الوظيفة وكانت معه 60 ألف دولار وفرها من عمله. أراد أن يحقق مغامرة طرأت على تفكيره. راح يتجول في بلدان العالم ويسجل بالكاميرا عادات وثقافة كل بلد، في فيلم لا يتجاوز الدقيقة الواحدة. كان قد وضع نصب عينيه تحدياً مفاده أن سيسجل ألف مقطع فيديو خلال ألف يوم.
أسس شركة إعلامية باسم “ناس ديلي” في سنغافورة وشترى كاميرا وبدأ بالسفر والتصوير ونشر الأفلام على صفحته في “فيسبوك “. وكان يبثها بست لغات. ومن خلال تلك المنشورات نصب نفسه نصيراً للتعايش السلمي بين اليهود والعرب، وداعية لحوار الحضارات والثقافات والأديان. هكذا بدأ مشروعه بالظهور بمظهر المحايد والمحب للإنسانية والمعادي للكراهية. يقوم بإعداد مقطع باللغة الإنجليزية التي يتقنها تماماً ثم ينشره. فقد أدرك أن دقيقة واحدة من حياة الفرد ليست بالكثير. وهنا تكمن مهارته التي يصفها متابعوه بالعبقرية، لاسيما وأنه يقدم التسجيل بشكل جذاب مشوق مع ميل إلى الفكاهة.
يقول في إحدى تصريحاته: “غادر بعض الفلسطينيين قراهم، وتعرض بعضهم للقتل في حين بقي معظمهم في أراضيه. لقد بقي شعبي”. وبسبب هذه الجملة، وجهت لنصير اتهامات بأنه يعرض نكبة فلسطين بسطحية شديدة ويساوي بين الضحية والجلاد. ويتساءل منتقدوه: هل باستطاعته أن يصور المخيمات الفلسطينية والبؤس الذي يعيشه اللاجئون؟
يقول أيضاً: “يوجد في الحياة أمور أهم لنركّز عليها بدلاً من الخلاف على اسم قطعة من الأرض. علينا أن نثبت للعالم أنه ليس كل العرب إرهابيين ولا كل اليهود أشرار”. ومن خلال تصريحات من هذا النوع يمكن تقييم العقلية التي تحرك نصير ياسين ومدى الدهاء الذي يتمتع به لكي يرضي طرفي النزاع.
بعد أن أنجز عشرات الحلقات، تأكد أن الفكرة حققت نجاحاً طيباً. وعندما وصل إلى الحلقة الألف كان عدد متابعيه على “فيسبوك” قد بلغ 17 مليون شخص.
يرافق ياسين في جولاته صديقته ألين تامير. وهي يهودية مولودة في إسرائيل عام 1990 لكنها هاجرت إلى الولايات المتحدة وحصلت على الجنسية الأميركية. ومثل ياسين، صارت “صانعة محتوى” و”يوتيوبر” وأطلقت على صفحتها اسم “عزيزتي ألين”. وهي اليوم تقيم وتعمل معه في سنغافورة.
تقول إلين عن علاقتها بنصير أنها تعرفت عليه عندما كانت تمر بحالة صعبة بعد تجربة زواج فاشلة. ورغم الفروقات بينها وبين نصير إلا أنهما سعيدان. هي إسرائيلية وهو فلسطيني. هو مسلم وهي يهودية. هي نباتية وهو يأكل اللحوم. كما أنه أصغر منها بسنتين.
الغريب أن نصير ياسين، وبعد أيام من التوقيع على اتفاق التطبيع بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية، أعلن عن إجراء مسابقة مع برنامج للتدريب يهدف إلى صناعة المشاهير، تموله أكاديمية “نيو ميديا” الإماراتية في دبي. إنها الجهة التي أسسها حاكم الإمارة محمد بن راشد في حزيران/ يونيو 2020، كأنها جاءت لتشجيع التطبيع.
وقد حذرت حركة مقاطعة إسرائيل الفلسطينية BDS من التعاطي مع برنامج “ناس ديلي” الذي يهدف إلى تدريب 80 من صانعي المحتوى العربي. وهو برنامج يضم إسرائيليين ضمن طاقم المشرفين عليه الذي يرئسه الإسرائيلي جوناتان بليك، وطالبت من المشاركين في أكاديميته بالانسحاب.
بعد ثلاث سنوات من العمل، جمع نصير ياسين مليوني دولار. وهو ما يعتبر ثروة بالنسبة لعربي من إسرائيل. وهو يكسب في الشهر 100 ألف دولار من عائدات الإعلان على صفحته، ومن بيع القمصان، إذ أنه يستعمل نوعاً معينًا من القمصان مزود بشريحة إلكترونية ويحمل عبارة مكتوبة على الصدر تشير إلى عمر من يقتنيه. وفي كل يوم تتغير العبارة لكي تشطب يوماً من الزمن المفترض له في الحياة. كما أنه يقوم بتقديم المشورة للمهتمين بالوسائط المتعددة مقابل مبلغ من المال. وقد أصدر كتاباً يجمع مذكراته في رحلاته اليومية، سمّاه “حول العالم في 60 ثانية”.