الأقتصاد

«مصر تقود اول تعاون اقتصادي عربي »

القاهرة وعمان وبغداد نموذج للتكامل في سوق “الطاقة “

التجارة البينية العربية ترفع معدلات دخل شعوب المنطقة

الخبراء : نواة متميزة تفتح افاق سوق عربية مشتركة

البترول والغاز “ضربة البداية” والسلع الغذائية والسيارات في الطريق

بسام راضي : الدول الشقيقة تستفيد من التجربة المصرية في تصدير منتجاتها

الفريق جلال هريدي : الهدف من القمة الثلاثية التكامل العربي” وتقوية الروابط “

السفير الاردني : اصرار علي انجاح الآليات ورفض التدخل الخارجي

كتبت-زينب عبد اللطيف

اشارت القمة الثلاثية التي جمعت قادة مصر والعراق والأردن في عمان إلى أهمية إعادة إحياء الجهود العربية لبناء التكامل الاقتصادي في العديد من المجالات والتي تعثرت بسبب الظروف التي تعاني منها بعض البلدان العربية، وإفرازات الربيع العربي إضافة الى التحديات الاقليمية والعالمية الناتجة عن الصراعات والتداعيات السلبية لأزمة كورونا.

واكد خبراء، ان القمة التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، نبهت الى تحديات كبيرة وغير مسبوقة قد تواجه الدول العربية اعتباراً من العام المقبل ما يستدعي التعاون عربياً لمواجهتها بخاصة مشكلة الأمن الغذائي التي قال عنها ملك الأردن أنه “سيكون أكبر تحدّ في عام 2021 يستدعي توحيد جهودنا والتفكير بحلول خارج الصندوق”.

وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن مصر والعراق والأردن لديهم إمكانيات هائلة وتعاون مشترك، وأضاف أن القمة الثلاثية بين الثلاث دول كان لها شق تنموى عن طريق طرح المشروعات المشتركة.

وأضف ، أن هناك اهتمام كبير من الجانب الأردنى والعراقى للاستفادة من التجربة المصرية التى حدثت خلال 6 سنوات ماضية واستطاعت تحقيق مشروعات قومية كبرى بشكل لافت وكبير، ما حدث فى السنوات الست الماضية فى مصر قفز بها إلى الأمام بما يعادل 25 عاما.

وأكد راضى أن مصر استطاعت أن تتغلب على تحدى الكهرباء وإحداث فائض، وأوضح أن الرئيس أجاب فى القمة بشكل واضح بوجود مسارات جديدة تم اتباعها خرجت عن النهج التقليدى يعتمد على السرعة الشديدة فى التخطيط، وبالتالى مصر قفزت إلى المركز الـ 18 عالميا فى مشروعات الطرق.

وقال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني النائب جمال قموه ، أن القمة الثلاثية تطرقت الى أهم المشروعات التي يتوجب التعاون فيها خلال الفترة المقبلة ما يمكن أن يؤسس لتعاون عربي أشمل على المدى القريب سيما وأن غالبية البلدان العربية تعاني من تحديات كبيرة ومشكلات اقتصادية في غاية الخطورة.

وأضاف: “لكن بعض المشروعات المطروحة لتعزيز التعاون بين البلدان الثلاثة في المرحلة الأولى محفوفة بالعديد من التحديات التي تجعل من الصعوبة بمكان تحقيقها قريبا خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها دول عربية”.

وقال النائب قموه أن مشروع الربط الكهربائي بين الأردن ومصر في غاية الأهمية وأن اضافة العراق الى المشروع مهم جداً، لكن هنالك العديد من الصعوبات التي ربما تحول دون ذلك حالياً، منها على سبيل المثال بعد المسافة لإيصال الشبكة الى الأراضي العراقية والتي تبلغ حوالي 600 كم وكذلك الكلفة العالية.

وفيما يخص مشروع مد أنبوب النفط من العراق إلى الأردن، قال النائب قموه “هذا من المشاريع الاستراتيجية التي يؤمل أن تساهم بتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين والمنظور أن يمتد الأنبوب الى دول عربية مثل مصر ما يؤدي الى زيادة القيمة المضافة للاقتصاديات العربية ويعطي دفعة للتعاون الاقتصادي العربي”.

وأضاف النائب قموه أن المشروع مازال متعثراً رغم مرور أكثر من 7 سنوات على انطلاقة الفكرة وما تبعها من مباحثات ودراسات مشتركة ولا يعتقد بقرب اتخاذ خطوات عملية لتنفيذه بيد أن المشروع ينطوي على منافع اقتصادية كبيرة للبلدين، فهو من جهة يوفر منافذ تصديرية للنفط العراقي ومن جهة يزود الأردن باحتياجاته النفطية بالكامل بكلف أقل والحصول على عوائد من مرور الأنبوب، إضافة الى فرص التشغيل.

وأكد أهمية تعزيز التعاون واعتماد أفضل السبل والآليات لترجمة العلاقات الاستراتيجية على أرض الواقع وخاصة الاقتصادية والحيوية منها كالربط الكهربائي ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة والاستفادة من الإمكانات الوطنية والسعي لتكامل الموارد بين البلدان الثلاثة الشقيقة وخاصة في ظل التبعات العالمية لجائحة فيروس كورونا المستجد على الأمن الصحي والغذائي والاقتصادي.

كما تم التأكيد على أهمية فتح آفاق جديدة للتعاون في المجالات الاقتصاديّة والتجارية والاستثمارية في مجالات الطاقة والكهرباء والبنى التحتية وإعادة الإعمار والنقل والصحة وغيرها.

في سياق متصل، قال مسؤول أردني ، إن الأردن من جانبه يسعى جاهداً لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية المتفق عليها مع العراق وإمكانية ضم مصر للاشتراك فيها وبخاصة أنبوب النفط ما يشكل أساس بناء تحالفات اقتصادية وتنموية قوية بين البلدان الثلاثة.

وأضاف أن الأردن والعراق ورغم الظروف والتحديات الناتجة عن أزمة كورونا والأوضاع داخل العراقي يعملان بشكل متواصل لأجل استكمال إجراءات إقامة المنطقة الاقتصادية المشتركة على الحدود بينهما حيث تم قطع شوط مهم في هذا الاطار.

وقال أنه تم تخصيص قطعة الأرض من كلا الجانبين لاقامة المشروع المخطط أن يستقطب استثمارات عربية وأجنبية ضخمة في مختلف المجالات، مشيراً الى أن المنطقة ستتمتع بمزايا وحوافز منافسة على مستوى المنطقة بحيث تحقق الأهداف التنموية من وراء انشائها وتوفير فرص عمل لمواطني البلدين.

ولاقى المشروع معارضة من داخل العراق من قبل سياسيين ومتنفذين يرون بالمنطقة إضراراً بالمناطق الصناعية العراقية وكذلك التأثير على الاستثمارات داخل العراق سواء المحلية أو الأجنبية.

الخبير الاقتصادي حسام عايش، يرى أن الربيع العربي والأحداث التي شهدتها وما تزال بلدان عربية حالت دون تحقيق مشروعات كبرى يجري الحديث عنها بين البلدان العربية منذ سنوات، ما أبقى الاقتصاد العربي يدور في رحى اقتصاديات الدول الكبرى، رغم إمكانياته الضخمة من الموارد الطبيعية والمالية والبشرية.

وأضاف ، أنه لا بد من متابعة تنفيذ مخرجات القمة العربية الثلاثية وامكانية توسيع دائرة البلدان العربية التي يمكن أن تساهم في المشاريع التي تم الحديث عنها أو الاتفاق على مشاريع جديدة وذلك لمواجهة التحديات المقبلة، وعلى وجه الخصوص تراجع معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع الفقر والبطالة لمستويات مقلقة جداً وغير مسبوقة بخاصة في مناطق النزاعات.

ولا يستبعد عايش وجود عراقيل تضعها بلدان أجنبية لإعاقة تنفيذ المشاريع العربية المشتركة لتفادي التأثير على مصالحها وكذلك زيادة القدرات الاقتصادية والمالية للعالم العربي، فالكيان المحتل صاحب مصلحة كبيرة في ذلك في الوقت الذي يسعى فيه لتطبيع علاقاته الاقتصادية مع بلدان عربية ومنها بضغوطات أميركية.

ويرتبط الأردن مع مصر بأنبوب الغاز الذي يزوده بجزء كبير من احتياجاته من الغاز الطبيعي لأغراض توليد التيار الكهربائي ومشروع الربط الكهربائي، فيما لا تزال المشاريع المتفق عليها مع العراق مجرد دراسات ومباحثات لم تر النور بعد.

وأعلنت مصر أن القمة تناولت سبل تعزيز التعاون الثلاثي المشترك في مختلف المجالات، بين الدول الثلاث خاصة تلك التي تتعلق بالطاقة والربط الكهربائي والبنية الأساسية والغذاء، فضلًا عن التشاور والتنسيق بشأن مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، وجهود مكافحة الإرهاب.
وتناول الزعماء الثلاثة تناولوا أوجه تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وذلك بهدف تأسيس مرحلة قادمة من التكامل الاستراتيجي بين الدول الثلاث، قائمة على الأهداف التنموية المشتركة.
وفيما يتعلق بمصطلح “الشام الجديد”، فقد أطلقه “الكاظمي” لأول مرة خلال زيارته للولايات المتحدة، حيث صرح
باعتزامه الدخول في مشروع جديد تحت مسمى “الشام الجديد”، وهو مشروع اقتصادي على النسق الأوروبي، يجمع القاهرة ببغداد، وانضمت إليه عمان مؤخرا، لتكوين تكتل إقليمي جديد قادر على مواجهة التحديات.
والتفاصيل بشأن هذا المشروع كشفها عقيل الرديني، القيادي في إئتلاف النصر العراقي، الذي قال إن المشروع العملاق يقوم على التفاهمات الاقتصادية بين مصر والعراق، ودخلت الأردن مؤخرا على نفس الخط، مشيرا إلى أن المشروع قائم على أن مصر تمثل، كتلة بشرية والعراق كتلة نفطية، والأردن للاستفادة من خدمات تعاون القاهرة مع بغداد.
وأكد الرديني ، أن المشروع ليس وليد اللحظة، وإنما طرح خلال ولاية حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وهناك نية لدى حكومة الكاظمي لإكمال هذا المشروع، وفيما يتعلق بالتفاصيل، فإن هناك خطة لإنشاط خط نفط من البصرة، إلى الأراضي المصرية ممتدا عبر الأراضي الأردنية، وتحصل البلدان “مصر والأردن” على تخفيضات تصل إلى 16 دولار على البرميل، بينما تستورد العراق الكهرباء من مصر والأردن، بالإضافة إلى استقطاب بغداد للاستثمارات من البلدين.
واتفق قادة الدول الثلاث خلال قمة عمان على تعزيز التعاون والتكامل في هذا الشأن، في مجال الطاقة، وتطوير المناطق الصناعية المشتركة من خلال التعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، إضافة إلى توسيع الشراكات الاسترتاجية المتعددة وتشكيل لجنة فينة.
وقال الكاظمي، إنه “سيطرح مشروع بلاد الشام الجديدة وفق النسق الأوروبي، على قادة مصر والأردن، والذي من خلاله ستكون تدفقات رأس المال والتكنولوجيا، أكثر حرية

وقدأشاد حزب حماة الوطن بالقمة الثلاثية التي انعقدت بالعاصمة الأردنية عمان بين مصر والأردن والعراق لبحث سبل تعزيز التعاون الثلاثى المشترك.

وقال الفريق جلال الهريدى رئيس حزب حماة الوطن، إن القمة التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تستهدف التكامل العربي بين الدول الثلاث وتقوية الروابط ولتوحيد الرؤى في القضايا السياسية والاقليمية والدولية.

وأضاف رئيس الحزب، أن القادة الثلاثة أكدوا على أهمية تعزيز التعاون واعتماد أفضل السبل والآليات لترجمة العلاقات الاستراتيجية على أرض الواقع، وخاصة الاقتصادية والحيوية منها كالربط الكهربائي ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة، والاستفادة من الإمكانات الوطنية والسعي لتكامل الموارد بين البلدان الثلاثة الشقيقة وخاصة في ظل التبعات العالمية لجائحة فيروس كورونا المستجد على الأمن الصحي والغذائي والاقتصادي.

وطالب الهريدى، جميع الدول العربية بالتعاون والتكاتف من أجل مواجهة التحديات التى تواجه الأمة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك في جميع المجالات في ظل ظروف دقيقة تمر بها الأمة العربية وتحديات غير مسبوقة يواجهها الأمن القومي العربي، مؤكدا ان الدولة المصرية تتصدى للإرهاب سواء في الداخل او الخارج او عبر التنسيق مع الدول العربية وترفض أي تدخل خارجى في الشأن العربي.

قال على العايد، سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة، إن القمة المصرية الأردنية العراقية التي أجريت في العاصمة الأردنية عمان بحضور قادة الدول الثلاث، مهمة من حيث التوقيت والأحداث الجارية في المنطقة.

وتابع أن العراق ومصر والأردن من أهم الدول في المنطقة.

وأشار إلى أن هناك إصرارا على إنجاح آلية التعاون بين الدول الثلاث وقد وضح هذا من خلال عقد ثلاث قمم بين الدول الثلاث حتى الآن.

وأردف، نرفض التدخلات الخارجية في الشئون العربية وكان الحديث واضحا في القمة عندما تم تناول االموقف في سوريا ولبيبيا وكذلك فلسطين.

ولفت سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة، إلى أن هناك لقاءات دورية بين مدراء المخابرات للدول الثلاث وهناك تنسيق بين وزراء الخارجية للدول الثلاث كذلك.

وأكد على العايد، سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة، على أن هناك إمكانات للدول الثلاث يمكن استغلالها من أجل التنمية والازدهار لشعوب الدول الثلاث.

واستطرد، شركة الجسر العربي من أهم الروابط الاقتصادية الكبرى بين الدول الثلاث وتسهم في نقل الأفراد والبضائع بين مصر والأردن والعراق حيث إن الأردن ومصر تربطهما حدود بحرية.

واستكمل: هناك مشروعات في الربط الكهربائي بين الدول للثلاث، وهناك توحد رؤى بين الدول الثلاث في قضايا المنطقة

وأكد على العايد، سفير المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة، أن السكرتارية التنفيذية التي تم تشكيلها في القمة الثلاثية ستتابع تنفيذ قرارات القادة الثلاث التي تم الاتفاق عليها.

وأضاف السفير على العايد، «لي الشرف أن أكون سفيرا للأردن في مصر فترتين الأولى منذ بداية عملي الدبلوماسي في تسعينيات القرن الماضي وكذلك اليوم أمثل الأردن في مصر».

وقد كانت البداية بقمة مصرية أردنية عراقية جاءت فى ظل ظروف عصيبة تمر بها المنطقة، حيث يتعرض الأمن القومى العربى للعديد من التهديدات، مما يستوجب ضرورة التنسيق الاستراتيجى فيما بين الدول العربية لاستعادة الاستقرار للمنطقة التى تعانى من الأزمات المتلاحقة منذ بداية القرن الواحد والعشرين، وعلت حدة تلك الأحداث والاضطرابات مع بداية العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين (2011) وحتى الآن.
استوجب هذا الوضع التنسيق بين الدول العربية للاستفادة من المقومات والموارد وتطابق الرؤى السياسية فيما بينها لبناء تكتل عربى قوى من الممكن أن يشكل لبنة لقوة اقتصادية عربية واعدة، فى ظل مجتمع دولى لا يعترف سوى بالتحالفات والأقوياء.
كان التحرك من القاهرة مبنيًا على عمق العلاقات التاريخية والثقافية والسياسية بين الدول الثلاث (مصر والأردن والعراق) والامتداد الجغرافى الذى يؤسس طريقًا جديدًا يربط بين الخليج العربى والبحر المتوسط عبر الأردن.
جاءت القمة الثلاثية بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثانى ورئيس الوزراء العراقى

استكمالًا لمسار بدأ فى مارس من العام الماضي؛ كانت تلك محطته الثالثة التى تُعد استكمالًا للقمة التى عُقدت فى سبتمبر الماضى على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
رسمت القمم الثلاث ملامح تحالف اقتصادى وسياسى وأمنى مهم فى المنطقة العربية تتطابق فيه الرؤى السياسية والاقتصادية والأمنية حول العديد من الملفات.

جاءت قمة عمان استكمالًا لمسار التحالف وهى محاولات البعض وضع هذا التحالف تحت اسم “الشام الجديد” وهذا ليس صحيحًا وتنافيه الدقة، خاصة أن التحالف لم تصدر عن بياناته الختامية حتى الآن تسمية معينة، ولكن ما تناقلته وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية جاءت بالتسمية من خلال ما ذكره رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى خلال حوار له

قبل عقد القمة حيث صرح بأنه سيطرح مشروع الشام الجديد على قادة مصر والأردن خلال القمة الثلاثية القادمة (يقصد قمة عمان).
إلا أن بيانًا للقمة الختامى لم يطلق تسمية للتحالف الجديد، وبعيدًا عن المسميات وما يحاول البعض أن يشغلنا به، دعونا نتوقف قليلًا عند أهمية هذا التحالف الذى يُعد بمثابة نقلة نوعية كبيرة للمنطقة العربية سواء على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو الاستراتيجي، الأمر الذى يجعل لهذا التحالف أهمية كبيرة قد تكون بمثابة خطوة مهمة نحو التكامل العربي.

ويتميز التحالف المصرى الأردنى العراقى بما يربطه من علاقات تاريخية، واتصال حدودى وتنوع فى الأقاليم المناخية وتطابق فى الرؤى السياسية وتشابه فى العديد من الملفات (الأمني، السياسي، الاقتصادي، المائي).
جاءت دورية انعقاد القمة الثلاثية والتأكيد فى البيان الختامى على ضرورة متابعة تنفيذ القرارات تأكيدًا واضحًا على قوة هذا التحالف الثلاثي.
دعونا نتوقف فى البداية عند بعض النقاط:
ـ تبلغ مساحة الدول الثلاث 1,536,414 كيلو متر مربع.
ـ يبلغ عدد السكان 150 مليون نسمة تقريبًا.
ـ يبلغ حجم إجمالى الناتج المحلى لدول المجموعة 530 مليار دولار.
ـ يبلغ حجم التبادل التجارى بين الدول الثلاث 5 مليارات دولار.
ـ تقع الدول الثلاث ضمن ثلاثة أقاليم مناخية (الإقليم المدارى والصحراوى وإقليم البحر المتوسط) وهو ما يجعلها متنوعة من حيث الموارد الزراعية طوال العام، مما يزيد من حجم التبادل التجارى فى الحاصلات الزراعية، حيث تمتد من خط عرض 22 شمال خط الاستواء وحتى خط عرض 37.5 شمالًا.
ـ تمتلك المجموعة الثلاثية (مصر والأردن والعراق) أكبر تنوع فى الموارد الاقتصادية، مما يؤهل تلك المجموعة لتصبح قوة اقتصادية واعدة فى المنطقة كما يقطع الطريق على محاولات تقسيم بعض دول المنطقة وإضعافها وحصارها.

ناقش قادة الدول الثلاث فى اجتماعهم الأخير عدة ملفات منها: مكافحة الإرهاب والوضع فى المنطقة العربية والقضية الفلسطينية والتعاون الاقتصادى بين الدول الثلاث والوضع فى سوريا وليبيا واليمن، من أجل الوصول إلى تكامل استراتيجى وإقامة مشروعات تنموية وفق خطة محددة للوصول إلى تنمية تحقق مردودًا مباشرًا وسريعًا على حياة المواطنين.
نعود إلى ذلك التجمع الواعد ندقق بعض نقاط قوته.
(2)

العراق متمركز على رأس الخليج العربى ويمتلك ثروات نفطية فى منطقة تعج بالتوترات بين الحين والآخر بسبب إيران وتهديداتها فى مضيق هرمز، مما جعل الاتجاه نحو الوصول للمتوسط من خلال هذا التحالف أمرًا مهمًا، فقد وقعت العراق والأردن اتفاقًا فى إبريل من عام 2013 يقضى بمد خط أنابيب بترول من البصرة إلى العقبة بطول 1700 كم، ينقل مليون برميل يوميًا من النفط العراقى وبتكلفة تصل إلى 18 مليار دولار.
تعثر هذا المشروع فى البداية قبل استئنافه فى2020 ليمتد من العقبة إلى مصر، وهو ما قد يجعل هناك إمكانية لضم العراق إلى منتدى شرق المتوسط، كما ييسر وصول النفط العراقى إلى أوروبا عبر هذا الخط القادم من البصرة عبر الأردن ومصر ويزيد من قوة مصر كمركز إقليمى للطاقة؛ كما أن الأردن ستحصل على النفط العراقى بأسعار تنافسية، وكذلك مصر.
على جانب آخر، تصدر مصر الكهرباء إلى كل من الأردن والعراق من خلال شبكة الربط الكهربائى القائمة التى تربط بين مصر والأردن وفلسطين ولبنان وسوريا، حيث يتم تطويرها ورفع قدراتها من 450 ميجاوات إلى 2,000 ميجاوات؛ وتبلغ صادرات مصر من الكهرباء إلى الأردن حاليًا 300 مليون جنيه سنويًا.
كما تصدر مصر الغاز الطبيعى للأردن من خلال مدينة العقبة الأردنية بعد تطوير محطة الضواغط الرئيسية لخط الغاز لتشمل أربعة ضواغط للغاز بطاقة إجمالية تبلغ 22 ميجاوات، وتتولى شركة فجر الأردنية المصرية المملوكة لوزارة البترول تشغيل خط الغاز بطول 450 كم داخل حدود الأردن، كما يجرى حاليًا دراسة تأسيس شركة مصرية عراقية مشتركة للعمل فى مجال البترول وكذلك تجديد اتفاق عقد توريد الخام العراقى لمصر بكمية 12 مليون برميل سنويًا؛ بذلك يصبح محور الطاقة (البترول والكهرباء) من أهم الفوائد التى ستعود على الدول الثلاث من خلال التعاون والتكامل فيما بينهم، مما سيجعل التجمع الثلاثى من أقوى التجمعات الاقتصادية.
(3)
تشترك كل من مصر والأردن فى اتفاقيتين للتجارة الحرة (اتفاقية أغادير والجافتا)، ويصل حجم التداول إلى 1.1 مليار دولار؛ كما يبلغ حجم الاستثمارات الأردنية فى مصر 2.2 مليار دولار من خلال 2,423 شركة فى القطاع الصناعى والخدمى والإنشائى والسياحى والزراعى والاتصالات.
بينما تبلغ حجم الاستثمارات العراقية فى مصر 762 مليون دولار، وتشترك مصر والأردن فى اتفاقية التجارة الحرة؛ وقد ارتفع حجم التبادل التجارى بين العراق ومصر ليصل إلى 1.6 مليار دولار.
تعقد اللجان العليا بين الدول الثلاث (اللجنة العليا المصرية الأردنية واللجنة العليا المصرية العراقية واللجنة العليا الأردنية العراقية) اجتماعات دورية لتبادل الرؤى وتحقيق مزيد من التعاون فى مختلف المجالات والملفات لوضعها أمام قادة الدول الثلاث؛ كما تساهم مصر فى عملية إعمار العراق بمشاركة أكثر من 60 شركة مصرية.
(4)
يكاد يتطابق المشهد فى الدول الثلاث فى العديد من الملفات، منها ملف مكافحة الإرهاب الذى حققت مصر والعراق فيه نجاحًا كبيرًا، وكان للتعاون الأمنى بين الدول الثلاث دوره الواضح فى نجاح كل من مصر والعراق فى المواجهة؛ أضف إلى ذلك معاناة الأردن من الإرهاب على حدودها الشمالية مع سوريا.
كما تتطابق الرؤى بين الدول الثلاث بشأن القضية الفلسطينية وعملية السلام فى الشرق الأوسط وضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وأن القدس الشرقية هى عاصمة دولة فلسطين.
تتطابق رؤى الدول الثلاث أيضًا بشأن الوضع فى سوريا واليمن وليبيا مؤكدة على ضرورة الوصول إلى حل سياسى لتلك الأزمات مع التأكيد على وحدة تلك الدول وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية.
من هذا المنطلق نجد أنفسنا أمام تجمع ثلاثى واعد يبشر بقوة اقتصادية صاعدة، وقوى سياسية تتشارك فى الرؤى حول العديد من ملفات المنطقة، وقوى ثقافية ترتكز على ما تمتلكه البلدان الثلاث من تراث ثقافى وحضاري.
إن المحور الممتد من العراق إلى مصر مرورًا بالأردن يعد محورًا مهمًا على المستوى الاستراتيجي.
(5)
إن قرار قادة الدول الثلاث بتشكيل فريق عمل لمتابعة أعمال القمة لتنسيق أوجه التعاون الاقتصادى والإنمائى والسياسى والأمنى والثقافى يدلل على أن الترويكا المصرية الأردنية العراقية سيكون لها أثرها على مستقبل المنطقة.
كما أن اتفاق القادة على أهمية الاجتماع بصفة دورية لتنسيق المواقف والسياسات فيما بين الدول الثلاث، من أجل تحقيق مصالح شعوبهم فى الاستقرار والازدهار الاقتصادى وتحقيق الأهداف المشتركة من خلال التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وبناء علاقات دولية متوازنة، يدعونا للتأكيد على أهمية التجمع الثلاثي، بعيدًا عن المسميات المطروحة حاليًا التى يروج لها البعض، خاصة وأن البعض قد ربطها بمشروعات أخرى، وهو ما ينافى الحقيقة.
لقد حرص قادة الدول الثلاث عقب عودتهم إلى بلادهم على التوجيه بالتحرك نحو تنفيذ ما تقرر خلال القمة الأخيرة ومتابعة ما يجرى تنفيذه من قرارات القمم السابقة.
إن القمة الثلاثية المصرية العراقية الأردنية، هذا التجمع وما يمتلكه من مقومات وتنوع فى الموارد وتطابق فى الرؤى حول العديد من الملفات، يجعلنا نستبشر بمولد عملاق اقتصادى سيكون له أثر كبير على شعوب الدول الثلاث.

يسعى العراق إلى مردودات اقتصادية كبيرة عن ثروته النفطية الهائلة من خلال مشروع عملاق أطلق عليها “الشام الجديد” بمشاركة مصر والأردن ضمن تحالف يتوقع إحداث تغييرات تاريخية لم تشهدها المنطقة من قبل.

واكد عضو البرلمان العراقي النائب عن تحالف النصر، فلاح الخفاجي، بإن القمة الثلاثية العراقية – الأردنية المصرية، يعول عليها كثيرا ً لأن لها مردودات ايجابية واقتصادية وتجارية عالية جدا بالنسبة للعراق، إضافة إلى علاقات جيدة مع الدول العربية.

ويبين الخفاجي، “بالأساس هناك قمة بين العراق ومصر، ودخول الأردن جيد على هذا المشروع “مشروع الشام” هو منذ عهد رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي الذي وضع اللبنة الأولى له”.

ويقول الخفاجي، إن العراق مورد للنفط، ولديه ثروة نفطية هائلة وطاقات وبرامج مع مصر وعمان، بالتالي الموارد المالية مع هذه البرامج من الممكن إذا اتحدت ستكون مردودات اقتصادية لكل الأطراف”.

وكشف الباحث العراقي في العلاقات الدولية، سعدون الساعدي عن تفاصيل القمة الثلاثية ومشروع الشام الجديد بين العراق ومصر والأردن ودوره في المنطقة، مع طموحات وتطلعات الدولة العراقية فيه، موضحا ً :

إن القمة الثلاثية هي ليست وليدة اللحظة وإنما مكملة للقاءات مؤتمر القمة الثلاثي الذي عقد في القاهرة عاصمة مصر، وعمان، أبان الحكومة العراقية السابقة برئاسة، عادل عبد المهدي، وبالتالي هي تكملة على اعتبار أن العراق امتداده الأردن ومصر استراتيجيا، وعلاقات تاريخية تربط هذه الدول.

وأكمل الساعدي، إضافة إلى ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية لها دور كبير في هذا الاتجاه، كلاهما الأردن ومصر حليفين لها، بالتالي ربط العراق معهما بمعنى أدق سيضاف لمنطقة الخليج العربي وهذا تضييق للخناق على إيران، من خلال تشكيل الحلف الثلاثي حتى لو كان غير معلن أو تحالف اقتصادي بين دول القمة العراقية المصرية الأردنية.

ويتابع، أن العراق بحاجة ماسة إلى الأردن كونها أحد المنافذ البحرية والطرق البرية للعراق للاتصال بالعالم الخارجي.

واختتم الباحث في العلاقات الدولية، مستقبلا العراق بحاجة إلى الطاقة الكهربائية من مصر إلخ من المشاريع، مرجحا حال حصول حركة استثمارية في المدن العراقية ستكون هناك يد عاملة من مصر، ومنوها إلى أن الإطار العام للقمة الثلاثية هو سياسي واضح.

وركزت القمة الثلاثية على ملفات التعاون الاقتصادي والشراكة بين الدول الثلاث، فضلا عن تعزيز الجوانب الاستثنائية والتجارية، ومباحثات حول الملفات الإقليمية وكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قال إن “مشروع بلاد الشام الجديدة وفق النسق الأوروبي، سيتم طرحة خلال القمة الثلاثة المرتقبة بين العراق والأردن ومصر”.

وقال الكاظمي، ان أثناء زيارته إلى واشنطن إنه “سيطرح مشروع بلاد الشام الجديدة وفق النسق الأوروبي، على قادة مصر والأردن، والذي من خلاله ستكون تدفقات رأس المال والتكنولوجيا، أكثر حرية

وأكد قادة القمة الثلاثية ان وزارة الخارجية العراقية، على أهمية تعزيز التعاون واعتماد أفضل السبل والآليات لترجمة العلاقات الاستراتيجية على أرض الواقع، وخاصة الاقتصادية والحيوية منها كالربط الكهربائي ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة، والاستفادة من الإمكانات الوطنية والسعي لتكامل الموارد بين البلدان الثلاثة الشقيقة وخاصة في ظل التبعات العالمية لجائحة فيروس كورونا المستجد على الأمن الصحي والغذائي والاقتصادي.

وشدد القادة على أهمية ألا تحول تبعات جائحة فيروس كورونا المُستجد دون استمرار التنسيق والتعاون في القطاعات المُستهدَفة، وضرورة إيجاد القنوات العملية الكفيلة بإدامة التعاون الثلاثي.

كما وجه القادة، الوزراء المعنيين إلى التركيز على القطاعات الصحية والطبية والتعليم والطاقة والتجارة البينية وتشجيع الاستثمارات والتعاون الاقتصادي، والاستفادة من دروس جائحة فيروس كورونا المستجد بما يعمق التعاون في مواجهة تبعات الجائحة.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور ظافر العاني، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، في حديث له، أن «هذا التعاون الثلاثي ليس وليد حكومة الكاظمي، وإنما يمتد لأبعد من ذلك، وهو تعاون له جذوره التاريخية بين الدول الثلاث باعتبارها دولاً مهمة وبينها وشائج كثيرة، ويمكن القول بأن هنالك علاقة اعتمادية بين الدول الثلاث». ويضيف العاني، أن «العراق في حاجة إلى العمق العربي؛ مما يجعله قوياً في مواجهة المشكلات الإقليمية التي تأتيه من إيران وتركيا، خصوصاً أنه ليس هنالك من عقد تاريخية مأزومة بين الدول الثلاث التي تستشعر معاً خطر التوسع الإقليمي». وبشأن الآليات التي يمكن أن تعتمد في سياق التعاون بين هذه البلدان، يقول العاني، إن «الأردن يعتمد على العراق في مشاريع نفطية واقتصادية واعدة وكذلك مصر، ولطالما قدم العراق المساعدات النفطية لكلتا الدولتين اللتين تنظران للعراق كعمق استراتيجي من المهم أن يبقى متجذراً في أصوله العربية». وبيّن أن «أهم المخرجات التي يمكن أن تنتج من هذه القمة ستكون اقتصادية سياسية، حيث لا بد للعراق أن ينفتح اقتصادياً لتكون لديه خيارات أفضل وللانفتاح السياسي على الخارج، وتعزيز رصيده العربي».

بدوره، يرى جمال الكربولي، رئيس حزب الحل، أن «قمة عمان الثلاثية سوف تكون نواة لعمل عربي واعد»، مضيفاً «هي في الواقع خطوة جادة لاستعادة العراق دوره الريادي في المنطقة».

إلى ذلك، يرى عضو البرلمان العراقي عن محافظة بغداد آراس حبيب كريم العراق في حاجة إلى اتباع سياسة انفتاح إقليمي دولي وفق مبدأ المصلحة الوطنية، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد والطاقة والاستثمار»، مبيناً أن «الأهم هو كيفية العمل على تطبيق مذكرات التفاهم أو الاتفاقيات مع مختلف دول العالم التي نتشارك معها، إن كان على صعيد الموارد أو الخبرات». وأوضح أن «الحاجة باتت ماسة باتجاه تفعيل المشاريع التي تؤمّن فرص عمل للمواطنين، وتؤدي في الوقت نفسه إلى عدم إثقال كاهل الدولة بالتوظيف وتوجيه الموارد نحو التنمية المستدامة».

مسارات حقيقية

نحن إذن، أمام مسارات متوقعة ستكشف عنها تطورات ستجري في منظومة العلاقات المصرية العراقية الأردنية بخاصة أن التعاون الثلاثي سيبدأ بمشروعات اقتصادية مباشرة في مجال الربط الكهربائي والطاقة وسيمر بتحسين بيئة التعاون الاقتصادي الراهن وتطويرها إلى الأفضل في إطار قاعدة المصالح المشتركة، التي قد تتطور لاحقاً إلى مرتكز لنموذج اقتصادي وسياسي ناجح قابل للتكرار في حال دخول دول أخرى، أي أن التجمع يبدأ بالفعل اقتصادياً كمدخل أوليّ على أن يتحوّل لاحقاً إلى تجمع سياسي لمواجهة ردود الفعل التي قد تثار، وتطرح في ما يخطط بين الدول الثلاث ذات الارتباطات المعقدة إقليمياً ودولياً كما قد يكون البديل العربي المؤقت والمرحلي في حال بقاء الجامعة العربية على حالها، وعدم إقدامها على إعادة ترتيب حساباتها التي هي في الأساس محصلة لإرادات عربية حقيقية. وإن الجامعة في نهاية المطاف عاجزة عن تبني مواقف حقيقية في ظل الوضع العربي الراهن ومساعي بعض الدول العربية إلى إبقاء دورها على ما عليه وعدم تفعيله، وتربط هذه الدول مواقفها بحجج أهمها شخص الأمين العام نفسه والأزمة المالية، ورفض خطط الإصلاح والتطوير للجامعة ونظامها الأساسي وغيرها من الأمور.

يقابل هذا الاحتمال اتجاه التجمع الثلاثي إلى التحوّل إلى مجلس للتعاون على أسس وخبرات عربية متراكمة مع إعداد نظام أساسي شامل وأهداف محددة ومع ربطه بالجامعة العربية بهدف تحريك المياه الراكدة عربياً، على أن يكون الأمر مرتبطاً بحسابات سياسية واقتصادية بالأساس مع الابتعاد عمّا يسبب ردود فعل غير جيدة على الأقل راهناً ومنعاً لإثارة مواقف رافضة بخاصة أن دخول مصر في تحالف هيكلي مع العراق سيزعج الجانب الإيراني، وانضمام الأردن إلى العراق في مشروعات قد ينقل رسائل مباشرة إلى دول الخليج التي لم تقدم دعماً جديداً للجانب الأردني بعد انتهاء المنحة الخليجية واقتصار الأمر على تقديم مساعدات صغيرة لاقتصاد منهك يعاني أصلاً من أزمة هيكلية.

في كل الأحوال نحن أمام مشهد مفتوح لتعلاملات مصر والعراق والأردن، والقضية ليست في شكل التجمع أو أهدافه أو مجالات التحرك إنما في ما ورائه من تطورات متعلقة، مع الأخذ في الاعتبار ما هو مقبل في الإقليم وحالة الاندفاع من بعض الدول العربية تجاه إسرائيل من دون تغيير حقيقي وجوهري في موقف الأخيرة الأصلي، وفي ظل مخاوف فلسطينية من انهيار قاعدة المقاطعة العربية، وعقد معاهدات حسن جوار وعدم الاعتداء ليصبح الجانب الفلسطيني وحيداً في المضمار السياسي، وهو متسع وضيق من خيارات في مواجهة ما يجري فعلياً.

إن التجارب التي مرت بها بعض الدول العربية، ومنها مصر في إجراء مثل هذه المشروعات انتهت بخبرات مختلفة منها الوحدة مع سوريا والاتحاد الثلاثي بين مصر وليبيا ومصر ومجلس الوحدة الذي قوّض أركانه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بدخول الكويت. والرسالة أن هناك بالفعل تجارب جيدة وسلبية في آن واحد والمؤكد أن ما في أذهان القيادات العربية التي تخطط لبناء تحالف واقعي مقاربته الأولى اقتصادية على أن تليها مجالات أخرى بحسب تطور المواقف في الإقليم لاحقاً، أهمها تسريع مسار الاتجاه إلى علاقات جديدة مع الجانب الإسرائيلي أو إبطائه.

أخيراً تبقى الإشكالية الحقيقية متمثلة في ما هو وراء المخطط الإقليمي الجاري الإعداد له والمتمثل في الاتجاه لبناء نظام شرق أوسطي أمنياً وسياسياً مقابل تقويض أركان النظام الإقليمي العربي، الذي ما زال صامداً على الرغم من كل ما يجري. فهل سيكون هذا التجمع الصاعد طوق نجاه مما يجري ويخطَّط له، ويتجه إلى إحياء بعض مجالات العمل العربي المشترك، ويعيد تقديم الجامعة العربية إلى الواجهة أم سيكون محصوراً في نطاقه المحدّد وعلى مستوى دوله الثلاث فقط، مع التأكيد على توسيع عضويته علماً أنه قد يؤدي إلى احتمال بناء تجمعات مقابلة أو تحالفات أخرى على قاعدة المصالح المتبادلة، التي تشكَّل تحت مظلة النظام الأساسي للجامعة العربية وأسسه وعلى الرغم من كل ما يجري من بناء مخططات بديلة في العالم العربي

وان القمة هدفها تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الأردن ومصر والعراق، إضافة إلى بحث أبرز القضايا الإقليمية.
يشار إلى أن القمة الثلاثية الأولى عقدت في القاهرة في آذار (مارس) 2019، تبعتها قمة ثلاثية عقدت في نيويورك في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي.
وتتصدر مشروعات الطاقة والربط الكهربائي مشهد المصالح الاقتصادية بين الدول الثلاث، إضافة إلى الدعم غير المحدود من القاهرة وعمان لبغداد في مجالي مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار.
وخلال القمتين السابقتين، اتفقت الدول الثلاث على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتمسك بمبادرة السلام العربية لحل القضية الفلسطينية، والعمل على تعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي والتجاري والطاقة، ضمن خطة زمنية محددة.
وحسب خبراء سياسيين؛ فإن القمة ناقشت ملفات عدة، لأزمات سينواسية شائكة تحيط بالبلدان الثلاثة، منها: القضية الفلسطينة، وعدة ملفات أمنية، وتطوير العلاقات الاقتصادية.
عميد كلية الأمير حسين للدراسات الدولية، الأستاذ الدكتور محمد القطاطشة تحدث عن رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في ظل الاضطرابات في بعض الدول العربية، وتعزيز وجهات النظر السياسية والاقتصادية بين الدول الثلاث.
وقال القطاطشة “من رؤية جلال الملك للأمن القومي العربي ولأهمية دولتي مصر والعراق في النظام الاقليمي، فلا يمكن أن نتحدث عن أمن قومي عربي دون مصر والعراق، وأهمية الدور الاردني في تقريب وجهات النظر، بخاصة وأن السياسة الخارجية الأردنية مشهود لها بالتوازن”.
ووفق القطاطشة، فهذه القمة ربما تكون مقدمة لعودة مجلس التعاون الذي أسدل الستار عليه في أزمة الخليج العام 1990، بخاصة وأن رؤية جلالته ترتكز على أن المحور السياسي يستند على قواعد المحور الاقتصادي.
وأشار إلى أن القمة العربية، ترتكز على ملفات سياسية، أهمها فلسيطينيا: إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والتأكيد على الوصاية الهاشمية للقدس.
وفيما يتعلق بالشأن الاقتصادي وتعزيز التعاون بين الدول الثلاث، فإن الموقع الجغرافي للأردن يؤهله لأن يكون وسيطا بين السوقين المصري والعراقي من حيث العمالة وانسياب الخدمات، بحسب القطاطشة.
الدكتور الباحث السياسي خالد شنيكات، أكد أن أجندات التعاون والتنسيق تغيرت باختلاف البيئة المحيطة بالدول الثلاث، فمن التركيز بشكل أساسي على قضايا الإرهاب، والأمن، والتي تؤثر عليها، إلى الاهتمام الحالي بقضايا أخرى، تمس بشكل أساسي مصالحها الوطنية الحيوية.
وتشمل الأجندة المشتركة؛ قضايا التعاون الاقتصادي المشترك كإعادة البناء في العراق، والتأكيد على استمرار مد أنبوب النفط العراقي من البصرة إلى الأردن وصولا إلى العقبة.
وتوقع شنيكات أن يكون هذا المشروع نواة لمشاريع اقتصادية كبرى بين الدول الثلاث، كذلك توقع التأكيد على تبادل الخبرات والتجارب في المجال الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري بينها، والسماح للشركات المصرية والأردنية بالوصول للسوق العراقية، وكذلك الأمر بالنسبة للشركات العراقية.
وتبقى أجندة أخرى، ذات اهمية كبيرة؛ هي الأجندة السياسية، مثل التأكيد على الموقف العربي من الصراع العربي الإسرائيلي، اذ ستجري الدعوة لتطبيق قرارات الشرعية الدولية لحل الصراع، وصولاً إلى دولة فلسطينية مستقلة، والتشديد على المواقف العربية، كما سيجري تناول ملفات اخرى كالوضع في ليبيا وسورية والتدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون العربية.
ويرجح بأن يكون هناك تأكيد على استمرار التعاون الكامل والتنسيق في القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب.
وكان يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور زيد النوايسة؛ انه ربما تحمل القمة هذه المرة، رسائل جديدة، بخاصة وان رئيس الوزراء العراقي الجديد السيد الكاظمي عائد من الولايات المتحدة الاميركية، بعد الاتفاق على إعادة انتشار قوات التحالف، وانتهاجه سلوكا جديدا ومختلفا عن أسلافه في التعامل مع الميليشيات المسلحة.
ولفت الى ان هناك تطورات كبيرة في الإقليم، ستكون حاضرة، ولكن اي توجه لتشكيل محور سياسي في المنطقة مؤجل، بانتظار خروح الدخان الابيض في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وبيان من سيجلس في البيت الأبيض لأربعة اعوام مقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى