أخطر الرسائل في خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني… ولمن وجهها؟
حملت خطابات كل من رئيس الحكومة عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الكثير من الرسائل المتبادلة التي حظيت بتفسيرات متعددة… فما هي تلك الرسائل وإلى من تم توجيهها؟
يرى مراقبون أن الصراع الخفي بين “قحت” ومجلس السيادة قد طفى إلى السطح بعد خطابي حمدوك والبرهان وبدأت معركة تكسير عظام معلنة، وإن لم يتم تدارك الأمر فقد تخرج الأمور عن السيطرة وتدخل البلاد في دائرة جديدة من الفوضى.
الواقع السياسي
قال المحلل السياسي السوداني الدكتور إبراهيم الصديق، إن حديث الفريق البرهان عن مخاطر تتربص بالجيش السوداني، أعتقد أنه يتحدث عن مخاطر داخلية، لأنه يتحدث عن مجموعات داخلية في حديث داخلي، لكن ربما يكون لديه ظلال خارجية.
وأضاف المحلل السياسي لـ”سبوتنيك”، خطاب البرهان حمل الكثير من النقاط حول مطالبة الكثير من القوى السياسية بتفكيك الجيش أو إعادة هيكلته في إطار المرحلة الانتقالية الراهنة، وهى بعض من آثار الخلافات في الواقع السياسي السوداني، حيث أن بعض القوى المسلحة لديها تنسيق معروف ومشهور ومعلن مع بعض القوى المدنية والسياسية ، على سبيل المثال هناك اتفاق تم توقيعه بين تجمع المهنيين وحركة عبد العزيز الحلو، وهي حركة تحمل السلاح وتطالب في الكثير من أحاديثها عن هيكلة القوات المسلحة، وحتى نكون أقرب إلى الواقع، الحديث الذي يدور الآن هو في إطار المحاصصات السياسية، حيث أن بعض القوى الثورية تطالب بتفكيك بعض شركات القوات المسلحة، وتم الحديث بشكل أكبر ويفوق الواقع على الأرض، لأن مجمل تلك الشركات لا يتجاوز واحد في المئة من مجمل الناتج القومي.
وحول الخلافات بين مجلس السيادة والقوى الثورية المدنية قال الصديق، إن مجلس السيادة مكون من الشقين المدني والعسكري، لكن الخلاف الآن هو ما بين بعض المكونات المدنية والمكون العسكري، وأعتقد أنه من الأفضل أن يكون هناك نقاش وحوار وأن يتفق الطرفان على المضي قدما في العملية السياسية، فقد تم تجاوز الكثير من النقاط الخلافية في السابق.
رسائل تحذير
من جانبه قال وزير الإعلام السوداني السابق حسن إسماعيل، “إن أكبر العثرات التي واجهت التطور السياسي في السودان هي هشاشة التحالفات السياسية التي تنشأ أو تنشأ ” مرة بفتح التاء ومرة بضمها “لإدارة الشأن السوداني، لأنها تحالفات هشة حتى في داخل الوحدات المكونة لها، حيث ترى انقسامات الاتحاديين في داخلهم والأمة في داخله ومجموعة اليسار في داخلها، كل هذا الضعف انعكس على كل أشكال الجبهات والتحالفات التي تنشئها هذه الأحزاب النخرة”.
وأضاف الوزير السابق لـ”سبوتنيك”، هناك كثيرون يطلبون من الجيش ممثلا في البرهان أن يفعل شيئا إزاء التدهور المريع للأوضاع في السودان، هؤلاء يستآؤون عندما يرسل البرهان إشارات موجبه عن تحالفهم مع شركاء “الثورة”، قحط وحكومتها، أو عندما يحسون أنه صمت عن أخطاء جسيمة والرجل لا يعلق ولا يسترضي، وأعلم بالتفصيل الألغام المزروعة في طريق الرجل التى تجعل من كل خطوة يخطوها وكل كلمة يقولها تحتاج لألف عملية حسابية، ولكن نبهنا، أن بطء التحرك قد يجعل ألغاما أخرى تنفجر من تحت أقدامه ومن خلف ظهره إن هو أطال الصمت”.
مناورة وقائية
وأشار إسماعيل إلى أن البرهان خرج عن صمته، وأسند ظهره إلى “الشعب والشارع”، وأكد أنه مع “الثورة وشبابها” وهذا تحييد ذكي ومطلوب، ثم كان مهما أن يصد الحجارة التى تسقط على رأس الجيش منذ فترة، وهي مناورة وقائية حتى يكف إعلام مجلس الوزراء ومتكلميه ومناصريه عن طلعاتهم ضد “الجيش” ولكنها كافية على الأقل الآن، واستخدم بذكاء شفرة الصراع “سنظل رهن إشارة الشعب” وهي خطوة مهمة للتنافس على الكتلة الرئيسة الحاسمة والمتحكمة في الميدان”.
وأكد الوزير السابق، “يجب على البرهان أن يعلم أن “قحت” لن تصمت علي هذه الإشارات، إننا لا ندفعه للاشتباك مع قحت، في الاشتباك معها يوحدها، نحن ندفعه لإحداث التوازن المطلوب، فالتوازن يقود إلى تفكيك الأزمة ويجنب انفجارها”.
معركة تكسير العظام
قال رئيس “حركة العدل والمساواة” الجديدة منصور أرباب، “لم يذكر السيد رئيس مجلس السيادة صراحة الجهات التي تريد تفكيك القوات المسلحة، ولا ندري ما هي الجهات، وإن كانت موجوده فهي تعرف نفسها، وبذلك قد تكون استلمت الرسالة في بريدها”.
وأضاف رئيس العدل والمساواة “معركة تكسير العظام التي كانت تدور في الخفاء منذ فترة بين المكونات السياسية، الآن ظهرت للعلن، وبدأها رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك في خطابه أول أمس، وهذا أمر خطير للغاية بالنسبة للأمن القومي السوداني المهدد أصلا طوال عقود من الزمان”.
وأشار أرباب إلى أن”المتتبع للأوضاع في السودان قد تخفف عنه الدهشة مما يجري الآن بين مكونات الحكم الانتقالية، لأن تركيبتها وتكوينها تم على أساس خاطئ ولا ننتظر منها نتائج صحيحة، كل مؤسسات الدولة السودانية بحاجة إلى إصلاح حقيقي، وإن لم يتم الإصلاح فهي التي تهدد أمن البلد والمواطن”.
كشف رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، مساء أمس الأحد، عن “حملات منظمة تسعى لتفكيك الجيش السوداني لتفتيت البلاد”.
وقال البرهان، خلال تصريحات بمنطقة وادي سيدنا العسكرية: “يريد الفاشلون أن يعلقوا إخفاقاتهم على مؤسسات الجيش”، موضحا أن “سوء التخطيط والإدارة سبب الأزمة الحالية”، وذلك حسب وكالة الأنباء السودانية “سونا”.
وأكد أن “هناك من يريد اختطاف الثورة من الشباب”، قائلا: “عرضنا على الحكومة كل المساعدة، ولكن لم يفعلوا شيئا”، مضيفا أن “هناك جهات تصنع الأزمات للإيقاع بين الجيش والشعب”.
وتعهد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، “بالوقوف مع الشعب السوداني وإفشال محاولات ضرب جيشنا”، مؤكدا أن “هناك جهات تصنع الأزمات للإيقاع بين الجيش والشعب”. وأشار إلى أن “الفاشلين يريدون أن يعلقوا إخفاقاتهم على مؤسسات الجيش”، مشددا على أن “هناك من يريد اختطاف الثورة من الشباب”.
ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي.