وليد الخوري / يكتب / لهذه الأسباب لم ولن يسلّم حزب الله عياش
منذ اليوم الاول لوصول لجنة تقصي الحقائق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق ،كان الجو العام الدولي كما المحلي قد حسم بالفطرة دوافع الاغتيال واسبابه والجهة التي تقف وراءه، انطلاقا من القاعدة القانونية في كل جريمة، فتش عن المستفيد، لذلك كانت كل الاصابع تشير الى النظام السوري، المتضرر من التموضع الجديد للرئيس الشهيد الذي قلب التوازنات الداخلية والاقليمية.
هكذا انطلقت تحقيقات الالماني ميليس، من فرضية صحيحة ودقيقة، تبنتها المحكمة في حكمها، وراح يفتش عن الادلة وعن المنفذين، غير ان الضغط الداخلي والذي يثبت التدقيق في تحليل اجوائه من خلال مراجعة ارشيف الصحف، يبين بصمات واضحة لحزب الله يومها، رغم ان ايا من الاصابع لم تدل صوبه، اذ حصر المحققون دائرة التنفيذ بالجهاز الامني اللبناني السوري.
استمرت الامور على هذا الشكل الى ان توصل احد ضباط شعبةالمعلومات الرائد الشهيد وسام عيد الى اكتشاف خيط قلب كل المعادلات وغير وجهة الاتهام، بعدما ثبت بالدليل العلمي غير القابل للجدل، تورط الضاحية وحزب الله. وهنا يطرح سؤال اساسي، كيف وصلت خلاصة ابحاث عيد الى الجهة المتضررة التي قررت اغتياله؟ الجواب ببساطة ان جهات امنية حزبية كانت تتابع وتحلل حركة التحقيق، وتوصلت الى استنتاج ان لجنة التحقيق بدأت تقترب من هدفها، بناء لمعطيات حركة المداهمات والداتا المختلفة التي طلبتها والتي كانت توصل كلها الى الضاحية. ولكن كيف حددوا هوية الرائد عيد؟ تبين المعلومات ان الجهاز الحزبي نفسه جمع داتا كاملة عن الضباط اللبنانيين المشاركين في التحقيقات ومهمة كل منهم.
في كل الاحوال استطاعت لجنة التحقيق الدولية من اعادة تصويب مسارها بعدما تيقنت من صحة معلومات الشهيد عيد، زاد من تلك القناعة اغتيال عيد وطريقة التنفيذ الاحترافية، فبدأت عندها بكشف اوراقها، وتضييق حلقة بحثها، مع تحديد هويات المطلوبين. كل ذلك وسط ضغوط داخلية وحملة تشكيك، فضلا عن مسلسل عمليات اغتيال وصل الى رأس الهرم الامني اللواء وسام الحسن الذي جمع كل الخيوط بين يديه، والتي بدأت الحملة ضده باتهامه بداية من جهات معروفة بالوقوف وراء الاغتيال، قبل ان يتخذ قرار “اعدامه”، دون علم السوريين.
عند هذا الحد، حسم التحقيق الدولي المسائل وابلغ الجهات اللبنانية بأسماء اربعة متهمين مطلوبين للتحقيق معهم، فكانت عملية تسريب اسمائهم و”مسرحية” مداهمة منازلهم دون ايجادهم، ضمن عملية تواطؤ واضحة،هدفها توجيه ضربة قاضية لجهود التحقيق الدولي كما المحكمة الدولية.
كانت خطة حزب الله واضحة بقطع يد كل من ستمتد للمجاهدين المطلوبين بجريمة ارهابية بهذا الحجم، اي عمليا لا تسليم لاي من المتهمين للتحقيق.
كانت حارة حريك تدرك تماما ان تسليم اي من المجرمين سيؤدي الى ان تكر سبحة الاعترافات نتيجة التحقيقات فينكشف المستور وصولا الى الصف الاول الذي اتخذ قرار الاغتيال.
غير ان الضغوط التي مورست والقرار الدولي الصارم، دفع بالحزب الى إخفاء “جماعته”، لتتوالى بعدها اخبار مقتلهم في ظروف تطرح العديد من علامات الاستفهام، والتي بالتأكيد لم تكن ابدا بريئة، اذ ترافقت مع سيناريوهات مشابهة لضباط سوريين خدموا في لبنان واستلموا ملفات حساسة.
هكذا يمكن القول ان المحكمة الدولية قالت الكثير، وهي “التفت” على قانون انشائها من خلال الحيثيات التي قدمتها في حكمها والذي اتهم حزب الله بوضوح باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو ما اثار انزعاج حارة حريك التي عبرت عنه من خلال رسائل لاسكات او خفض سقف من تولى شرح حكم المحكمة.
فهل انتهت رحلة العدالة الدولية مع صدور حكم الحريري؟ وماذا من مفاجآت في الاحكام الاخرى التي ستصدر قريبا؟ وماذا اذا ما تمنعت الدولة اللبنانية عن تنفيذ الحكم الدولي؟ كيف سيتصرف مجلس الامن عندها؟ وكيف ستتصرف ايران؟ ولماذا استنفار حارة حريك لماكينتها الاعلامية والسياسية؟
وتسألون بعد ماذا قدمت المحكمة؟ كل المؤشرات تدل الى ان الامور مفتوحة على احتمالات اقلها مر.