مقالات
آليات مقترحة لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي على التعليم / بقلم / دكتور نبيل العشري حماد
يجدر التأكيد على أهمية العمل على تعديل هيكل الإنفاق الحكومي الموجه لتمويل التعليم بحيث يواكب المعايير الدولية السائدة في مستويات الإنفاق الرأسمالي والجاري بالشكل الذي يسمح بترجيح كفة تطوير المرافق والبرامج والمناهج وتحسين الكادر التدريسي وتنمية قدرات ومهارات التلاميذ كمدخل أساسي للبحث العلمي والتطوير والابتكار. وهذا ما يتطلب مراجعة كافة البنود المتعلقة بالإنفاق العام على التعليم بهدف رفع كفاءته من خلال الآليات التالية.
- ترشيد الإنفاق العام في كل مرحلة تعليمية وبين المراحل:
توضح الممارسات الدولية وجود مجموعة من المداخل أو الأساليب الممكن الاستعانة بها لتحسين مستويات الكفاءة في التمويل العام، بما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة في عناصر التكلفة داخل المؤسسات التعليمية بهدف ترشيد الإنفاق من جهة وتوجيهه من جهة أخرى إلى أوجه الإنفاق السابق ذكرها لتحقيق الجودة التعليمية.
ويمكن استخدام أسلوب تكاليف الأنشطة Activity Based Costing الذي يستند إلى
التفصيل المسبق للأنشطة، كأنشطة أساسية وأنشطة تفصيلية، وأنشطة فرعية على غرار الأنشطة التعليمية والإدارية والمالية. حيث بالإمكان تحديد تكاليف الأنشطة من خلال نظام متكامل لمفهوم تكاليف الأنشطة وذلك على مستوى مختلف الأنشطة التعليمية، بما يوفر الإمكانية للضغط على النفقات الموجهة لتلك الأنشطة، بتقليصها أو بدمج أكثر من نشاط واحد في نفقة واحدة وصولاً إلى تحقيق متطلبات الفاعلية والكفاءة في استغلال الموارد المتاحة.
وفي ذات الإطار يجدر العمل على تطوير أساليب المتابعة والتقييم والرقابة المالية على الإنفاق الحكومي الموجه للتعليم كأداة عملية لرفع كفاءة هذا الإنفاق، وذلك ضمن إطار التقييم الدوري لجدوى الإنفاق الحكومي على التعليم. - إعادة تخصيص الموارد بين مراحل التعليم العام المختلفة والتعليم العالي:
تتيح هذه الآلية إعادة توجيه الموارد المحررة على مستوى أي مرحلة تعليمية وخاصة التعليم العالي إلى مراحل تعليمية أخرى حسب الأولويات. ويتيح النظام المعلوماتي المتخصص القدرة على تحديد المجالات ذات الأولوية على مستوى المراحل أو المناطق أو المدارس أو المؤسسات الجامعية للحصول على تلك الموارد المحررة. - توسيع ممارسات اللامركزية:
يمكن التدرج في تنمية دور المناطق التعليمية في تمويل بعض أنشطة التعليم العام، وذلك وفقاً لقدراتها وطاقاتها المتاحة، عبر تمويل عدد من الأنشطة التعليمية مثل أنشطة النقل أو طباعة الكتب المدرسية، أو توفير المقاصف المدرسية، أو توفير المستلزمات الخاصة بالعملية التعليمية ذاتها.
ويمكن البدء في تفعيل هذا النظام من خلال عدد محدود ومختار من المدارس من خلال فرض رسوم إضافية على بعض الأنشطة للمساهمة في تمويل تلك الأنشطة أو من خلال تطوير مفهوم المدرسة المنتجة وهو ما يتطلب بدوره تطوير الدور المجتمعي لمساندة النهوض بالعملية التعليمية في مؤسسات التعليم العام، بما يدفع بتنافسيتها في مواجهة المدارس الخاصة لاسيما الدولية. - تطوير مفهوم المؤسسات التعليمية المنتجة:
يرتكز هذا المفهوم على إمكانية استغلال الأصول المادية بشكل دائم أو مؤقت لمؤسسات التعليم العام ، بالإضافة إلى توظيف بعض الأنشطة المدرسية في مجالات الصناعات الحرفية والمنتجات اليدوية أو الأعمال الفنية، لتوليد دخول إضافية، أو الحصول على بعض عقود الامتياز للإعلان أو للترويج لمؤسسات الأعمال، لاسيما على مستوى المجتمعات المحلية. وتبدو هذه الصيغ ملائمة جداً للمدارس المهنية والصناعية والتجارية التي يتميز بها النظام التعليمي المصري والتي قد تزيد قدرتها على استقطاب واستيعاب التلاميذ إذا ما تطورت فيها مثل هذه الأنشطة المبتكرة والمولدة للدخل وذلك لأنها تسهم بشكل غير مسبوق في بناء وزرع ثقافة ريادة الأعمال لدى الطلاب من خلال تطوير ملكات ومها رات مهنية متخصصة مفقودة ضمن الإطار التعليمي العادي مما يزيد من فرصهم في دخول سوق العمل لاحقاً. وتسمح هذه المزا يا التنافسية بزيادة العائد الخاص على التعليم للطالب مما يسمح بإرسال اشارات محفزة للمجتمع بفائدة هذا النوع من المدارس والتعليم المهني والمتخصص. - المحاسبة والمساءلة بخصوص استخدام مخصصات التمويل الحكومي للمدارس مثل الأمور المتعلقة بإنفاق المخصصات المالية للمدارس كالصيانة والأثاث، واتباع آليات لترشيد الإنفاق ، ووضع ضوابط إدارية ومالية أكثر صرامة للحد من غياب الموظفين.
- رفع كفاءة المخرجات التعليمية، ويمكن أن يتم ذلك من خلال ربط الحوافز
والمكافآت الشهرية للمعلمين بمقدار الإنجاز التعليمي الذي يحققونه لتلاميذهم،
فكلما زادت المعارف والمهارات التي اكتسبها الطلاب، تزيد الحوافز والمكافآت
المقدمة للمعلمين، والتي يتم ربطها سلفاً بميزانيات المدارس، ويشرف على
منحها لهؤلاء المعلمين لجان شراكة من أعضاء المجتمع المحلي، ويمكن أن
يكون هذا التوجه عاملا مرتبطا بجودة التعليم. - خصخصة بعض الخدمات التعليمية، كمجال صيانة الأبنية المدرسية ومتابعتها
بصفة دورية للحفاظ على جودتها أطول فترة ممكنة، فيترك لأطراف الشراكة
المجتمعية مهام الصيانة نظير نفقات رمزية تدفع دورياً لهذه الأطراف، وتأكيد
دور الشراكة المجتمعية في الإنفاق على الخدمات التعليمية المختلفة. - تبني فلسفة الاستثمار في الصناعات التعليمية ومنها إقامة مصانع خاصة
بالتربية والتعليم تعمل على تزويد المدارس بالأثاث المدرسي متعدد الاستخدام،
وكذا الأجهزة المعملية، وشراء مستلزمات الوزارة والمديريات والمدارس وفق
الاحتياجات الفعلية، وتقنين توزيع الأدوات والوسائل على المدارس واختيار
الشركات المناسبة لإنتاج الوسائل والأدوات المدرسية.