انطلاق محاكمة عمر البشير على انقلاب 1989 في السودان
يمثل الرئيس السوداني السابق عمر البشير ومعه 16 آخرون، أمام محكمة خاصة من ثلاثة قضاة في الخرطوم بتهمة الانقلاب على الحكومة المنتخبة في 1989، في أول قضية من نوعها، قد تصل عقوبتها إلى الإعدام حسب ممثلي الادّعاء.
ويقول معز حضرة، من ممثلي الاتهام في القضية: “المتهمون يقدمون للمحاكمة بموجب المادة 96 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1983، وهي تقويض النظام الدستوري والمادة 78 من نفس القانون وهي الاشتراك في الفعل الجنائي”.
وإذا أدين البشير بموجب المادة 96، فقد يواجه عقوبة أقصاها الإعدام، حسب ممثل الاتهام الذي قال: “لدينا أدلة وبيانات قوية في مواجهة المتهمين”.
وأوضح حضرة أنها المرة الأولى في السودان التي يحاكم فيها قائد انقلاب عسكري إلى المحاكمة”، وأطاح الجيش السوداني بالبشير في أبريل (نيسان) 2019 عقب احتجاجات شعبية استمرت أشهراً عدة.
وتتولى الحكم في السودان حالياً سلطة انتقالية ستستمر 3 أعوام، تجري بعدها انتخابات عامة، وفي مايو(أيار) 2019، حرك محامون الدعوى ولاحقاً في مارس(أذار) الماضي شكل النائب العام لجنة تحقيق في انقلاب 1989، وأُنشئت هيئة اتهام مشتركة.
ومن أبرز المتهمين في القضية، نائبا البشير علي عثمان طه، وبكري حسن صالح، إضافةً إلى عسكريين ومدنيين تقلدوا مواقع وزارية، وحكم ولايات في عهد الرئيس السابق.
ويقول حضرة: “رفض البشير، وبكري حسن صالح التحدث مع لجنة التحقيق، ومع ذلك سيمثلان أمام المحكمة”، وكان انقلاب البشير الثالث منذ استقلال السودانفي 1956، بعد انقلاب ابراهيم عبود 1959-1964، وجعفر نميري 1969-1985.
واستولى البشير على السلطة من حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، أبرز الأحزاب السودانية، والبشير مطلوب أيضاً من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وتطهير عرقيّ وأخرى ضد الإنسانية، أثناء النزاع في إقليم دارفور غرب البلاد، الذي استمر بين 1959 و2004 وتسبب في 300 ألف قتيل وملايين النازحين.
وفي ديسمبر(كانون الأول) الماضي، أُدين البشير بالفساد في واحدة من القضايا ضدّه، وصدر حكم بالتحفّظ عليه في دار للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين.
ويقول حضرة: “المحاكمة ترسل رسالة إلى كل من يحاول تقويض النظام الدستوري، بأن الأمر يجرم وهذا يمثل حماية للديمقراطية”، ويرى فريق الدفاع عن البشير المؤلف من 150 محامياً، أنها “محاكمة سياسية” وأن الوقائع سقطت بالتقادم.
وقال هاشم الجعلي من فريق الدفاع: “رؤيتنا للمحاكمة أنها سياسية أُلبست ثوب القانون كما أنها تجري في مناخ عدائي للمتهمين من قبل أجهزة تنفيذ القانون”، وأضاف “هذه الوقائع سقطت بالتقادم إذ مضى على وقوعها أكثر من 10 أعوام”.
وادعى أن المحاكمة تستهدف الحركة الإسلامية السودانية، ويريدون وصمها بالإرهاب، ولكن لدينا من الأدلة ما يدحض ذلك وبأنه افتراء.
وحصل البشير بعد انقلابه العسكري في 1989 على دعم “الجبهة الإسلامية القومية” بقيادة حسن الترابي الذي توفي في 2016.
ودافع الجعلي عن البشير مشيراً إلى أنه قام بمصالحة وطنية مع زعيم المتمردين في جنوب السودان بتوقيع اتفاقية سلام في 2005، برعاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.
وعلّق “هذا اعتراف دولي بنظام الإنقاذ”، في إشارة إلى الاسم الذي أطلقته حكومة البشير على نفسها.
ولكن المحاكمة مصدر ارتياح لصلاح مطر جنرال الشرطة الذي كان يشغل منصب مدير الأمن الداخلي وأُحيل إلى التقاعد بعد أسبوع من وصول البشير إلى السلطة.
ويقول مطر: “قبل 6 أشهر من الانقلاب رصدنا اجتماعات للجبهة الإسلامية القومية وهي تُعد لانقلاب على الحكومة المنتخبة، وأعددنا تقريراً وسلمناه لوزير الداخلية مبارك الفاضل المهدي وقتها، ولكنه تجاهل التقرير”.