دور التعليم في التنشئة السياسية بقلم / دكتور نبيل العشرى
أصبحت عملية التنشئة السياسية للمواطنين و تنمية الوعي السياسي لديهم من الأمور الهامة التي توليها الدولة الديمقراطية اهتماما كبيراً ، فالتنشئة السياسية تؤدي إلى نضوج الوعي السياسي ، و يبدأ ذلك بالتثقيف السياسي للطفل منذ الصغر ، وفي مراحل التعليم المختلفة وفي مراحل النضوج السياسية للمواطن ،و تضمن الحكومة أن تكسب ولاء الرأي العام لسياستها الديمقراطية ، ولذلك يتوقف نجاح عملية نشر الوعي السياسي على ما تتضمنه عملية التنشئة السياسية من قيم سياسية يتقبلها المواطن.
ويعد تشكيل الوعي السياسي المرحلة الأولى من مراحل المشاركة السياسية التي تتدرج من الاهتمام السياسي إلى المعرفة السياسية ثم التصويت السياسي وأخيرا المطالب السياسية.وعلى وفق ذلك فإن ارتفاع مستوى وعي المواطن بأبعاد الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعد من المتطلبات الأساسية للمشاركة السياسية الفعالة. وتختلف صور وأشكال المشاركة السياسية حيث نجدها تبدأ من مجرد الاهتمام بمتابعة الأمور السياسية إلى التصويت أو المشاركة في العملية الانتخابية، فالمشاركة الايجابية من جانب المواطنين بالذهاب إلى صناديق الانتخاب يساعد على فرز نخبه سياسيه تعبر عن الشعب وتتحدث باسمه وتسهم في إدارة شئونه في كافة المجالات.
ويرتبط التعليم ارتباطا كبيراً بالمشاركة وذلك لأنه يساعد على تنميه الاحساس بالواجب المدني والاهتمام بالمصلحة والمسئولية والكفاءة وينمي في الوقت نفسه خصائص شخصيه للفرد لازمه للمشاركة و هي الثقة بالنفس والسيطرة والتميز،
و تؤكد العديد من الدراسات ان الفرد الأكثر تعليماً يكون عادة اكثر الماما بالمعلومات والمعارف عن الموضوعات السياسية ، بل ان هذه العلاقة بين التعليم والوعي السياسي تنطبق الى حد كبير على علاقه التعليم في المشاركة السياسية ، فالوعي يمثل المدخل القيمي للمشاركة فهو يهيئ استعداد الفرد لها ويثيره لممارستها .
عليه فإن التعليم له تأثير حاسم في التطور الحقيقي للديمقراطية، ولكن هذا السياق يحتاج إلى توضيح في عدة جوانب: أولاً يجب ألا يساء فهم التعليم بأنه تقييم يعطي أهمية قصوى لأولئك الذين نالوا تعليمًا مميزًا مقارنة بأولئك الذين نالوا تعليمًا متواضعًا، وثانيًا: إنه غير واقعي أن نكون متفائلين بتقدم سياسة التعليم للمدى الذي نقبل فيه ارتباطًا خطيًا بين جودة الديمقراطية وتقدم التعليم، ويجب أن نلاحظ أن سياسة التعليم الكمية والكيفية لها تأثير إيجابي على الديمقراطية، حيث إن التعليم يزيد بطريقة غير مباشرة من تكافؤ الفرص (مثلاً يقلل التفرقة بين الجنسين)، إن التعليم يقوي كلاً من إمكانية استخدام المعرفة التراكمية لمصالح الفرد الخاصة وضمان المشاركة السياسية، كما أنه ينقل أيضًا الميل والمهارة كي يكون قادرًا على مواجهة العلاقات السياسية القائمة على الشكوك وتغييرها.
لذلك يجب ان تطلع المؤسسات التربوية بالدور الكبير والمؤثر في نشر الافكار الوطنية والقومية والإنسانية للأفراد وترسيخها في نفوسهم وحثهم على الالتزام بها والتصرف بموجبها وفي نفس الوقت التصدي للتحديات العقائدية والافكار المضادة على اختلاف انواعها ومصادرها.