الوقت ينفد أمام حل خلاف مصر وإثيوبيا حول سد النهضة
تعول مصر على الضغوط الدولية لإزالة العقبات أمام اتفاق تراه حاسما لحماية مواردها المائية من نهر النيل قبل البدء المتوقع في ملء سد عملاق، تقيمه إثيوبيا على النهر، في يوليو تموز المقبل.
وخرجت الدولتان خاليتي الوفاض، ومعهما السودان، من مفاوضات مضنية امتدت لما يقرب من عقد دون التوصل لاتفاق يحدد معالم طريقة تشغيل السد وملء خزانه.
ويقول محللون إن الفشل في إبرام اتفاق قبل البدء في عملية الملء قد يزيد تسميم العلاقات ويطيل أمد الخلاف لسنوات، رغم أنه من غير المرجح أن تواجه مصر نقصا خطيرا فوريا في المياه بسبب تشغيل السد حتى دون اتفاق.
وقال وليام ديفيسون المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية ”هناك تهديد يتمثل في تدهور العلاقات بين إثيوبيا ودولتي المصب، ومن ثم زيادة الاضطرابات الإقليمية“.
وجاء في تقرير لوزارة الخارجية السودانية اطلعت عليه رويترز أن أحدث جولة من المحادثات جعلت الدول الثلاث ”أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق“.
لكنه أضاف أن المحادثات التي تم تعليقها الأسبوع الماضي كشفت عن ”اتساع الهوة“ حول القضية الرئيسية المتمثلة في ما إذا كانت أي اتفاقية ستكتسب صفة الإلزام القانوني وهو ما تطالب به مصر.
والمخاطر كبيرة بالنسبة لمصر التي تمتد بها الأراضي الصحراوية، لأنها تحصل على 90 في المئة على الأقل من مياهها العذبة من نهر النيل.
ومع إصرار إثيوبيا على استغلال الأمطار الموسمية في بدء تعبئة خزان السد الشهر المقبل، التجأت مصر إلى مجلس الأمن الدولي كخطوة دبلوماسية أخيرة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة عضوا جلسة علنية يوم الاثنين بطلب من الولايات المتحدة التي أيدت دعوة مصر والسودان لمجلس الأمن للمساعدة في حل الأزمة.
* ”فقر مدقع“
يٌبنى سد النهضة الإثيوبي على بعد حوالي 15 كيلومترا من الحدود السودانية على النيل الأزرق، الرافد الأساسي لنهر النيل.
وتقول إثيوبيا إن مشروع الطاقة الكهرومائية الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، بقدرة 6450 ميجاوات، حاسم لتنميتها الاقتصادية.
وأبلغت أديس أبابا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في رسالة هذا الأسبوع أنها ”عازمة على المساعدة في انتشال شعبنا من الفقر المدقع“.
وكررت الرسالة نفس الاتهامات بأن مصر تحاول استبقاء المزايا التاريخية لها في نهر النيل وتضييق الخناق على مساعي إثيوبيا لإقامة مشروعات مستقبلية على المنبع. وأضافت أن إثيوبيا تقبلت المطالب المصرية للسماح للمحادثات الأخيرة بالمضي قدما قبل أن تقوم مصر بالتصعيد دون داع بعرض القضية على مجلس الأمن.
ولم يتسن الاتصال على الفور بحكومة إثيوبيا للتعليق.
وتقول مصر إن تركيزها ينصب على ضمان اتفاق عادل يقتصر على سد النهضة، وإن حديث إثيوبيا عن تصحيح مظالم الحقبة الاستعمارية هو خدعة تهدف إلى صرف الانتباه عن محاولة فرض أمر واقع على دولتي المصب.
وتتهم كل منهما الأخرى بمحاولة إفساد المحادثات وعرقلة إجراء دراسات مستقلة حول تأثيرات السد. وطلبت مصر العام الماضي وساطة أمريكية أفضت إلى محادثات استمرت أربعة أشهر في واشنطن وانهارت في فبراير شباط الماضي.
* ”حلقات مفرغة“
قال مسؤول مصري إن اللجوء إلى الوساطة الخارجية جاء بعد أن ظل الجانبان ”يدوران في حلقات مفرغة لسنوات“. وأضاف أن هذه المواجهة فرصة للمجتمع الدولي كي يضطلع بدور القيادة في قضية المياه ويساعد في الوساطة في اتفاق ”يمكن أن يفتح الكثير من آفاق التعاون“.
وأسفرت محادثات جرت هذا الشهر بين وزراء المياه بقيادة السودان وبرعاية الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا والاتحاد الأوروبي عن مسودة اتفاق قال السودان إنها حققت ”تقدما كبيرا في قضايا فنية رئيسية“.
ومع ذلك أورد قائمة بقضايا فنية عالقة، من ضمنها طريقة عمل السد خلال ”سنوات الجفاف“ التي يقل فيها هطول الأمطار، وكذلك قضايا قانونية تتعلق بما إذا كان الاتفاق وآليته لحل النزاعات ينبغي أن يكونا ملزمين للأطراف.
ويرى السودان، من جانبه، فوائد من السد في تنظيم مياه النيل الأزرق، لكنه يريد ضمانات بشأن تشغيله بشكل آمن وملائم.
ويسعى السودان، مثله مثل مصر، إلى اتفاق ملزم قبل بدء الملء.
وقال ديفيسون إن التنازلات الفنية لا تزال ممكنة، ولكن ”ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن إثيوبيا سترضخ للضغوط الدولية المتزايدة“.
وأضاف ”نحن بحاجة لتجنب التصعيد الدبلوماسي، وبدلا من ذلك يتعين على الأطراف الجلوس مرة أخرى إلى الطاولة ومواصلة المحادثات حتى التوصل لاتفاق“.