تفاصيل شاملة.. لهذه الأسباب لا يمكن تشكيل حكومة “وحدة وطنية” بالمغرب
تتداول بعض الأوساط السياسية في المغرب بعض الدعوات لتشكيل حكومة وحدة وطنية، خاصة في ظل الأزمة التي خلفتها جائحة كورونا. حسب حديث الخبراء المغاربة فإن الدعوات لتشكيل الحكومة في الوقت الراهن ليست صريحة، إلا أنها جاءت لتحريك المياه الراكدة في ظل الآثار الاقتصادية التي خلفتها أزمة كورونا، وكذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
انتخابات مقبلة
من ناحيته قال الدكتور عبد العزيز الرماني، الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، إن ما يفصل المغرب عن تنظيم الانتخابات هو سنة واحدة فقط، وهذا يعني أن بداية التهيئ التنظيمي والتأطيري للانتخابات يبدأ قريبا، بما يفيد بأنه لا جدوى أبدا للحديث عن تغيير حكومي شامل.
أزمة كورونا
وأضاف أن الحكومة الحالية مسؤولة عن تدبير المرحلة ونتائجها، وعليها أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، وتبعات تدبيرها للمرحلة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
واستطرد بقوله: “حقيقة أن الملك محمد السادس تدخل بشكل مباشر في أوج الأزمة لإنقاذ تدبيرها وتوجيه السفينة إلى شاطئ النجاة، لكن تغيير الحكومة قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات على بعد مسافة قصيرة من تنظيمها سنة 2021”.
ومضى بقوله: “الملك محمد السادس عرف عنه حرصه الشديد على تطبيق الديمقراطية والشفافية في هذه المسالة بالذات، حقيقة أن المغرب استطاع النجاة من كارثة باتت محقة في بداية زحف جائحة كورونا، والفضل يعود أساسا للآليات التي تم وضعها بشكل سريع واستباقي، للتعبئة التي عبر عنها الشعب المغربي عبر الاحترام الواسع للتدابير الاحترازية والوقائية المتعلقة بمواجهة كورونا”.
رفع الحجر
وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى أن مرحلة جديدة ستنطلق مباشرة بعد العاشر من يونيو/ حزيران، تاريخ رفع الحجر الصحي بالمغرب، حيث يجب أن يتحلى الجميع بالمسؤولية واليقظة كي ننجح في رفع هذا الحجر بشكل آمن لترميم التصدعات الكبيرة التي عرفها الاقتصاد المغربي عبر وضع مخططات جادة وبناءة لمعالجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية في انتظار الانتخابات المقبلة.
وأشار إلى عدم وجود مطالب حزبية واضحة لتكوين حكومة وحدة وطنية، وأن بعض الجهات الإعلامية والسياسية والمدنية تحاول فقط تحريك الركود، عبر انتقاد طريقة تدبير المرحلة، والمطالبة بحكومة إنقاذ لتقود مرحلة التعافي من تداعيات الأزمة.
ما واقعية المطالب؟
في الإطار ذاته قال عبد العزيز أفتاتي القيادي بحزب العدالة والتنمية بالمغرب، أنه لا معنى ولا داعي موضوعي لحكومة الوحدة الوطنية، والتي تعني وجود أزمة كبيرة أو تهديد كبير.
وأضاف أن تداعيات الجائحة الاجتماعية والاقتصادية والمالية تعالج بالسياسة وليس بما سواها.
وتابع بقوله: “أما إضافة تداعيات سياسية إلى باقي التداعيات فهو الجنون بعينه”.
ويرى أفتاتي أن خلفيات الدعوات لها علاقة بحسابات سياسية صغيرة، لكنها مضرة بالمسار الديمقراطي، في وقت يتطلب الأمر ترصيد الإصلاحات السياسية وتوفير مناخ وحياة سياسية سليمة.
واستطرد بقوله: “باختصار التداعيات تعالج بمقاربة سياسية سليمة ووضوح سياسي، وليس بخلط الأوراق وتضبيب الصورة سياسيا”.
مطالب سابقة
فيما قال الكاتب المغربي، يوسف الحايك، إن المطالبة بحكومة إنقاذ وطني ليست وليدة اليوم، حيث سبقتها مطالب بذات الأمر، حيث رفع الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط عام 2012، المطلب ذاته، حين كان مشاركا في حكومة عبد الإله بنكيران، والذي دعا لتشكيل حكومة إنقاذ وطني بمعية حزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة الحالية بمقعد وزارة العدل.
وأضاف أن رفع المطلب في الوقت الراهن زكته بعض الأصوات، إلا أنها غير مؤثرة بشكل مباشر في الحقل السياسي المغربي، إلا أنها مؤثرة في الرأي العام.
ويرى أن المطالبات تستند إلى بعض المنطلقات الخاصة بتدبير الأزمة الراهنة الناجمة عن أزمة كورونا، إضافة إلى الكثير من المعطيات تضفي المصداقية على المطالبات بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويرى أن الاستجابة للمطلب ليست سهلة، خاصة في ظل نجاح القرارات الملكية في مواجهة أزمة كورونا، وكذلك قرب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقررة عام 2021، والكلفة المالية لمثل هذه الخطوة في ظل المؤشرات المرتبطة بأزمة “كوفيد 19”.
وقال إن مسألة المطالبة بحكومة إنقاذ وطني بالمغرب، ليست وليدة اليوم، إذ سبق أن كانت هناك دعوات مماثلة، منذ دستور سنة 2011، حيث رفع الأمين العام لحزب الاستقلال السابق حميد شباط، سنة 2012 المطلب ذاته، في وقت كان مشاركا في النسخة الأولى لحكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بن كيران، والذي دعا حينئذ لتشكيل حكومة إنقاذ وطني بمعية حزب الاتحاد الاشتراكي، المشارك في الحكومة الحالية.
وأضاف أن رفع المطلب اليوم، زكته مجموعة من الأصوات والتي تبقى في مجملها غير فاعلة بشكل مباشر في الحقل السياسي، إلا أنها تعد بشكل أو بآخر مؤثرة في الرأي العام.
ومضى بقوله: “هذه المطالبات، وإن اختلف أصحابها إلا أنها تجد لها جملة من المنطلقات لعل أبرزها إخفاق حكومة سعد الدين العثماني في تدبير هذه الأزمة، مع استثناء قطاعات حكومية بعينها التي كانت لها تصورات وخطط أكثر وضوحا وفاعلية من غيرها في مواجهة هذه الأزمة.
ويرى أن هذه العوامل من بين أخرى تعطي نوعا من المصداقية والشرعية للمطالبين بحكومة إنقاذ وطني، تكون مهمتها الأساسية إخراج المغرب من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
وشدد على أن المطالبات نجحت في إحداث رجة داخل حزب العدالة والتنمية، باعتبارها ناقوس خطر حقيقي يعري عورات التدبير الحكومي في كليته.
وإشار إلى اعتبارات أساسية تحول دون تنفيذ الخطوة في الوقت الراهن أولها نجاح القرارات الملكية في مواجهة الجائحة، وفي مقدمتها إحداث لجنة اليقظة الاقتصادية.
وثاني هذه الاعتبارات هو قرب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة المقررة سنة 2021، التي تشكل امتحانا صعبا لحزب العدالة والتنمية في ظل ما راكمه من إخفاقات لم تكن أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد أولها.
أما ثالث هذه الاعتبارات هي الكلفة المالية لمثل هذه الخطوة، في ظل المؤشرات الاقتصادية المرتبطة بتداعيات الأزمة وما بعدها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.