لماذا سحبت أمريكا بطاريات باتريوت من السعودية؟
أثارت الخطوة الأمريكية بسحب أنظمة الدفاع الجوي “بطاريات باتريوت” تساؤلات كثيرة بشأن أسباب هذه الخطوة، ومدى إمكانية أن تكون ضغوطا أمريكية على المملكة، أو نتيجة توتر في العلاقات بين البلدين على وقع أزمة النفط الأخيرة.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مصادر مطلعة أن السلطات الأمريكية تقوم بسحب أنظمة “باتريوت” الدفاعية من المملكة العربية السعودية وتدرس تقليص قدراتها العسكرية في البلاد.
وأشارت واشنطن على لسان وزيرالخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى أن سحب بطاريات باتريوت ليس وسيلة “للضغط على المملكة العربية السعودية بشأن قضايا النفط”.
سحب بطاريات باتريوت
وقال بومبيو تعليقا على سحب بطاريات “باتريوت” من السعودية: “أود أن أوضح ذلك… بطاريات “باتريوت” هذه كانت منتشرة منذ فترة والقوات يجب أن تعود، وهي بحاجة إلى إعادة انتشار”.
وأضاف الوزير: “هذا لا يعني الاعتراف بتراجع الخطر. نود أن يكون الأمر كهذا، وأن تغير جمهورية إيران سلوكها، لكن الخطر ما زال قائما”.
وأشار بومبيو إلى أن وزارة الدفاع قد تكشف عن مزيد من التفاصيل بهذ االخصوص في وقت لاحق.
وأكد بومبيو أن هذه الخطوة ليست تخفيض الدعم المملكة العربية السعودية “ونحن نقوم بكل ما في وسعنا من أجل ضمان أمنها وتزويدها بأنظمة الدفاع الجوي حتى لا يستطيع الإيرانيون تهديدها”.
يشار إلى أن صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية نقلت عن مصادر مطلعة، الخميس الماضي، أن السلطات الأمريكية تقوم بسحب أنظمة “باتريوت” الدفاعية من المملكة العربية السعودية وتدرس تقليص قدراتها العسكرية في البلاد.
سياسة سعودية حكيمة
الدكتور شاهر النهاري، المحلل السياسي السعودي، قال: “من الواضح أن كورونا لم تصب الدول في صحتها فقط، ولكنها بلا شك أثرت على سياساتها الداخلية والخارجية، ولن يكون سحب بطاريات باتريوت من السعودية، أو من أي مكان بالعالم – حال صدقت التصريحات الأمريكية – أخر الأمور المتوقعة وسط هذه الجائحة”.
وأضاف في تصريحات، أن “الولايات المتحدة الأمريكية تجد نفسها كما صدر على لسان رئيس خارجيتها بومبيو مضطرة إلى إعادة ترتيب تواجد قواتها عالميا، ومن ذلك التفكير في سحب بطاريات باتريوت من السعودية، مع أن الخطر الإيراني قد تناقص كثيرا كما أفاد بذلك، ولكن الخطورة لا تزال قائمة حسب ما يراه معظم المحللين”.
وتابع: “المملكة العربية السعودية أيضا قامت بعدة أمور قد تكون أزعجت الولايات المتحدة، ومنها رفع أسعار البترول، وتعمق علاقاتها مع كل من روسيا والصين، وهذه أمور طبيعية الحدوث في أوضاع صحية وسياسية واقتصادية فرضتها كورونا على مختلف دول العالم، وقد يكون ذلك نوع من الضغوط، أو محاولة إعادة الأمور إلى ما يصب في صالح الشراكة السعودية، الأمريكية”.
علاقات قوية
وأكد أن “أمريكا هي اكثر من تضرر من إصابات “كورونا”، وقيامها بسحب قواتها من أماكن عدة، قد يكون في غير صالحها”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن “السياسة السعودية الحكيمة قادرة على إعادة الأمور إلى حالها بالتفاهم السياسي، أو بالقيام بعمل ما يلزم لتكون أفضل مما كانت في السابق”.
وأشار إلى أن: “السعودية، ليست مجبرة على أنواع معينة من الأسلحة، ولها كامل الحرية حين تعثر أي علاقات، بالدخول في علاقات وشراكات، وتعهدات مع من تراه قادرا على معالجة الوضع الحالي”.
وتابع: فالأمر هنا يعود للبائع، والشاري، والعلاقة بين الطرفين يجب أن تكون حقيقية أصيلة متمكنة ومستمرة، ولا تتغير بتقلب الأحوال المؤقتة، ولها القدرة على استمرارية العلاقة للمحافظة على السلام العالمي في منطقة ملتهبة مثل الشرق الأوسط”.
واستطرد: “العلاقات الأمريكية السعودية متواجدة قوية منذ ثمانية عقود، ولا بد للطرفين من نظرة عقلانية، لما يحدث، ومحاولة الإبقاء على ما تم التعاقد عليه بين الطرفين من عقود أكيدة للحماية والتدريب والتسليح”.
حسابات أمريكية خاصة
من جانبه، قال يحيى التليدي، المحلل السياسي السعودي، إن “الولايات المتحدة أرسلت في سبتمبر / أيلول الماضي بعد الهجوم الإيراني على منشآت أرامكو بطارية صواريخ باتريوت إضافية وأربعة أنظمة رادار و200 فرد إلى المملكة العربية السعودية، وهذه الخطوة كانت مؤقتة مالم تتطور الأمور”.
وأضاف، أن “التهديدات الإيرانية تراجعت في المنطقة، وبالتالي كان لابد من إعادة هذه الأنظمة الصاروخية الدفاعية إلى الولايات المتحدة، والسعودية كانت قد أعلنت فور ذلك أن البطاريات المزالة سيتم استبدالها ببطاريات باتريوت سعودية”.
وتابع:”مع أن إعادة هذه البطاريات في هذا التوقيت تحديدا وخاصة أن إيران تهدد بممارسة أعمالها التخريبية إذا حال تمديد حظر السلاح عليها، لا يبدو أنّه قد اتخذ على خلفيات عسكرية وأمنية، بقدر ما أنه مرتبط بحسابات سياسية تخصّ إدارة الرئيس دونالد ترامب ومساعي الأخير للحصول على عهدة رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر القادم، الأمر الذي يضطره لمسايرة مجموعات ضغط نافذة ولو كان ذلك على حساب الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتّحدة”.
وأشار إلى أن “سحب هذه البطاريات ليس له تأثير كبير، حيث توجد في دول الخليج خمس قواعدعسكرية أمريكية، بالإضافة إلى انتشار 54 ألف جندي أمريكي في 12 قاعدة عسكرية بالشرق الأوسط، أي أن الوجود الأمريكي لايزال قويا في المنطقة، واليوم بعد قرار إعادة الانتشار العام الماضي تواجد القوات الأمريكية مع القوات العسكرية الخليجية في قواعد ومراكز وموانئ الدول الخليجية”.
وتابع: “كما أكد ترامب في اتصاله بالملك سلمان التزام الولايات المتحدة بحماية مصالحها والعمل مع حلفائها لمنع أي تصعيد قد تقوم به إيران، وأن أمريكا ستقف مع حلفائها حال مهاجمة دول الخليج أو مصالح الولايات المتحدة في المنطقة”.
وتصاعد التوتر في منطقة الخليج خاصة في ظل توتر العلاقات الأمريكية الإيرانية، وكذلك مهاجمة جماعة أنصار الله “الحوثيين” لمنشآت نفطية وإمدادات للطاقة تابعة لشركة “آرامكو” العملاقة في المملكة العربية السعودية.