بعد تنازلات “حماس”… هل ثمة اتفاق قريب بين إسرائيل والحركة حول الأسرى؟
في ظل انتشار وباء فيروس “كورونا” المستجد بقوة في إسرائيل، وتعنت الحكومة الإسرائيلية تجاه الأسرى الفلسطينيين القابعين لديها في السجون، قدمت حركة “حماس”، التي تسيطر على قطاع غزة مبادرة تنازلت خلالها على الكثير من مطالبها السابقة.
وأعلن قائد حركة “حماس” في قطاع غزة، يحيى السنوار، استعداد حركته لتقديم تنازلات جزئيًة في ملف جثمانيْ جنودي جيش الدفاع، هادر غولدين وأورون شاؤول، المحتجزين لدى الحركة، مقابل موافقة إسرائيل على الإفراج عن سجناء فلسطينيين من كبار السن والمرضى والنساء.
المبادرة التي قدمتها حماس، وصفها المراقبون بـ “الجيدة”، مؤكدين أن هناك إمكانية لتنفيذ صفقة بين إسرئيل والحركة في الأيام القليلة المقبلة.
مبادرة “حماس”
وجاءت مبادرة السنوار، في الوقت الذي أعرب فيه نادي الأسير الفلسطيني عن مخاوفه من احتمال إصابة 5 آلاف أسير فلسطيني في سجون “إسرائيل” بفيروس “كورونا” المستجد (كوفيد-19)، عقب إصابة سجّانين إسرائيليين بالوباء، وتأكيد إصابة أسير بعد خروجه من السجن بالمرض.
وأكد الناطق باسم حركة “حماس”، فوزي برهوم، أمس الجمعة، أن المبادرة التي طرحها السنوار بخصوص ملف الأسرى، تحمل أبعادا إنسانية وتعكس مدى المرونة التي تتمتع بها الحركة في إدارة الملف، وتضع إسرائيل أمام اختبار جديد لمعرفة مدى جديتها.
وارتفع عدد وفيات فيروس كورونا في “إسرائيل” إلى 42 حالة، وعدد المصابين إلى 7589 إصابة، وتوصف حالة 115 منهم بأنها “خطيرة”، وفقاً لآخر إحصائيات وزارة الصحة الإسرائيلية.
عمل إنساني
مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، قال إن “ما طرحه السنوار يعد عملا أنسانيًا وما عرضه على الاحتلال حرك المياة الراكدة، بدليل أن إعلام الاحتلال وقادته ما زالوا يتحدثون في القضية”.
وأضافأن “فكرة السنوار تقوم على أن يطلق الاحتلال الأسرى من كبار السن والمرضى والأطفال والنساء مقابل تقديم معلومات عن وضع الجنود المأسورين لدى المقاومة، خاصة أن حماس كانت تشترط إطلاق سراح الأسرى الذين أعيد اعتقالهم في صفقة شاليط والبالغ عددهم نحو خمسين معتقلا”.
وأكد أن”ما طرحه السنوار يشكل تقدما في موقف الحركة، ولكن أي صفقة يمكن الحديث عنها لا تلغي شرط حماس بالإفراج عن المحررين في صفقة شاليط”.
وعن إمكانية قبول إسرائيل بالأمر، قال: “أعتقد أن الاحتلال في ظل تفشي كورونا واحتمالية إصابة أي من الأسرى وما سيترتب على ذلك من خلط للأوراق ودق طبول الحرب في موضع غير عادي قد يفكر فيما طرحه السنوار”.
وتابع: “في حالة الاستجابة أعتقد أن ذلك سيكون مقدمة لعقد صفقة مع المقاومة، خاصة وأن هناك مساعي في الكيان نحو الاستقرار السياسي وإمكانية تشكيل حكومة بعد الانتخابات الثالثة”.
صفقة قريبة
من جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة فتح، إن “حماس أعلنت في تصريحات ليحيى السنوار مسؤول الحركة في قطاع غزة التنازل عن شروطها السابقة بعدد الأسرى الفلسطينيين الذي يجب الإفراج عنهم مقابل الأسرى الإسرائيليين”.
وأضاف أن “حماس اختزلت الصفقة بعدد من المرضى في سجون الاحتلال والنساء والأطفال وأسرى صفقة شاليط، وهذا دلالة واضحة حول تأثير فايرس كورونا وخشية حماس من وفاة الأسرى لدى جنود الاحتلال”.
وتابع: “كذلك رغبة إسرائيل بالإفراج عنهم حسب الرسائل التي أرسلت من حماس عبر عدة جهات عرف منها ألمانيا ومصر، وهذا قد يشجع الاحتلال على القبول بمطالب حماس والتي نزلت لاكثر من نصف طلباتها وهذه مرحلة مهمة نتمنى أن يتم فيها إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين قبل تفشي الوباء”.
وأضاف:”نتمنى أن يصحو لدى الاحتلال الإسرائيلي ضمير الإنسانية ويطلق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين”.
ومضى قائلا: “بتقديري أن صفقة التبادل بين حماس والاحتلال الإسرائيلي تقترب وقد نشهد تنفيذها قبل نهاية هذا الشهر لأن تصريحات السنوار وقوتها يعطي دلالة على اقتراب الفرج لأسرنا الأبطال”.
بالونات اختبار
“الشرق الأوسط”، عن مصادر سياسية إسرائيلية، أن الطرفين يطلقان بالونات اختبار لمعرفة رد فعل جمهورهما في حال الاتفاق على صفقة، موضحة أنه تلوح في الأفق نغمة جديدة في الخطاب الفلسطيني في قطاع غزة وكذلك الخطاب الإسرائيلي يدل على تقدم ما نحو الصفقة.
وعزت الصحيفة هذا الخطاب بأنه يدل على أن كليهما يريدان استغلال أزمة كورونا لترتيب علاقاتهما المستقبلية.
ونوّهت الصحيفة إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بنينت، قد أعلن، الخميس الماضي، رفضه تقديم مساعدات لمكافحة كورونا في قطاع غزة، دون إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس، ليأتي الرد، على الفور، من يحيي السنوار، بأن حركته على استعداد لتقديم تنازلات جزئية في هذا الملف.
ويوجد لدى كتائب القسام 4 جنود إسرائيليين أسرى، وفق ما أعلنته في نيسان/ أبريل 2016؛ وهم: “شاؤول آرون” و”هادار غولدن” و”أباراهام منغستو” و”هاشم بدوي السيد”، ولكن دون إعطاء أي إشارة تدل على أنهم أحياء، وهو ما يُغضب “إسرائيل”.
وتمت آخر صفقة تبادل أسرى بين “حماس” و”إسرائيل” في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، بعد تسليم الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أُسر في عملية نوعية نفذتها المقاومة الفلسطينية داخل موقع عسكري إسرائيلي قرب معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في 25 يونيو/ حزيران 2006.