كوريا الجنوبية تعترض بشدة علي تميمة الالعاب الأوليمبية في طوكيو العام القادم
اعترضت كوريا الجنوبية بشدة علي قيام اليابان اتخاذ علم “الشمس المشرقة” تميمة للألعاب الأولمبية الصيفية المقرر إنعقادها في العاصمة طوكيو العام القادم. فطبقا لتقرير كشفت عنه شبكة CNN العالمية يقول الكوريون الجنوبيون أن هذا العلم يثير ذكريات مؤلمة عن المآسي والفظائع التي ارتكبتها القوات اليابانية خلال فترة الإحتلال الياباني لشبه الجزيرة الكورية القرن الماضي. وفي خطاب بعثت به اللجنة البرلمانية للرياضة في كوريا الجنوبية فإن علم “الشمس المشرقة” يشير في كوريا الجنوبية لـ “الإمبريالية والعسكرية” اليابانية.
وتقول شبكة CNN في تقريرها أن اللجنة المنظمة لأوليمبياد طوكيو أكدت في بيان لها هذا الأسبوع إنه لن يتم حظر العلم لأنه يستخدم علي نطاق واسع في اليابان. وأضافت اللجنة اليابانية أن علم الشمس المشرقة “لا يعتبر بياناً سياسياً” ولايجب أن ينظر إليه بهذا الشكل ومن هذا المنظور. وقد تسبب هذا البيان من قبل اللجنة الأوليمبية اليابانية في إثارة جدل واسع في كوريا الجنوبية، حيث عقد آن مين سوك، رئيس اللجنة البرلمانية للرياضة، مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء الماضي أكد خلاله أن العلم الذي يرمز للحرب لا يناسب الألعاب الأولمبية السلمية التي تشجع علاقات المحبة والتعاون بين الشعوب كافة.
وأضاف أن علم الشمس المشرقة أشبه برمز “الشيطان” للشعوب الآسيوية ومنها الشعب الكوري. كما قارن سوك بين العلم الياباني والصليب المعكوف الذي كان يشير للحكم النازي وماسببه من دمار وخراب للشعوب الأوروبية. وفي تصريح خاص لشبكة CNN أشارت اللجنة الكورية للرياضة والألعاب الأوليمبية أنها لم تقدم بعد طلباً رسمياً إلي الحكومة اليابانية أو اللجنة الأوليمبية الدولية ICO لحظر هذا العلم. وأشار المسئولون الكوريون أن الملاعب الرياضية يجب أن تكون خالية من أي مظاهر سياسية.
وعلي جانب آخر، أعربت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية يوم الخميس الماضي عن أسفها لاتخاذ اليابانيون هذا العلم علي وجه الخصوص تميمة للألعاب الأوليمبية دون اعتبار لمشاعر الشعوب الآسيوية. ففي تصريح أدلي به لشبكة CNN قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية كيم إن تشول إن الحكومة اليابانية بحاجة إلي الاعتراف بتاريخها. وأضاف تشول “أعتقد أن الحكومة اليابانية تدرك جيداً أن علم الشمس المشرقة تعتبره الدول المجاورة لليابان رمزاً للإمبريالية والعسكرية اليابانية”، مضيفاً أن الوزارة تعتزم مواصلة العمل لتغيير قرار طوكيو 2020.
لماذا العلم مسئ للكوريين الجنوبيين
بالنسبة لليابان، يعتبر علم الشمس المشرقة جزءاً من ثقافتها الوكنية والقومية، حيث استخدم هذا العلم من قبل الجيش الإمبراطوري الياباني، كما لا تزال قوات الدفاع اليابانية تستخدم نفس العلم حتي يومنا هذا. ومع ذلك تري كوريا الجنوبية أن هذا العلم رمز للإمبريالية اليابانية وفظائع الحرب خلال فترة الإحتلال الياباني لشعوب شرق آسيا ومنها شبه الجزيرة الكورية. في النصف الأول من القرن العشرين استعمرت اليابان شبه الجزيرة الكورية، وتعرض الكثير من الكوريين للوحشية والقتل والاستعباد. تلك الفترة هي ذاكرة حية للكوريين كبار السن ولا تزال تثير مشاعر الحزن والمرارة في كل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.
وفي الوقت نفسه، هناك جدل ساخن وإعتراضات شديدة بين اليابان وكوريا الجنوبية حول التماثيل التي تصور “نساء المتعة” –النساء الكوريات الآتي أجبرن علي تقديم خدمات جنسية للجنود اليابانيين قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية. ومن المعروف أن المحكمة العليا في كوريا الجنوبية أصدرت عدة أحكام وقرارات يسمح بمقتضاها لأسر هؤلاء الضحايا بمقاضاة الشركات اليابانية والحصول علي تعويضات.
وعلي الرغم من توقيع كوريا الجنوبية واليابان علي معاهدة في عام 1965 لتسوية القضايا العالقة في زمن الحرب، إلا أن العديد من الكوريين يشعرون أن هذه المعاهده وما نتج عنها من تسويات لم تكن منصفة أو عادلة للجانب الكوري. وفي عام 2015 قامت اليابان بتقديم اعتذار آخر تعهدت معه بتخصيص مبلغ 8 ملايين دولار لإنشاء مؤسسة لدعم “نساء المتعة” الباقين علي قيد الحياة، إلا أن هؤلاء الضحايا وأسرهم رفضوا مثل هذه التسوية حيث لم يتم استشارتهن من قبل.
وفي الأشهر الأخيرة تصاعدت حدة التوترات بين البلدين لتصيب العلاقات التجارية بينهما في مقتل. بدأت المواجهة في يوليو عندما فرضت طوكيو ضوابط علي الصادرات إلي كوريا الجنوبية من ثلاث مواد كيميائية تستخدم لصنع رقائق الكمبيوتر من بين أشياء أخري. وفي الشهر الماضي قامت اليابان بحذف كوريا الجنوبية رسمياً من قائمتها الخاصة بالشركاء التجاريين المفضلين، مما دفع وزارة الشئون الخارجية في كوريا الجنوبية إلي إصدار بيان يصف الإجراء بأنه “غير عادل” حيث بمقتضاه أصبحت اليابان تتعامل مع كوريا الجنوبية علي أنها “دولة معادية”. وردا علي هذه الإجراءات أزالت كوريا الجنوبية اليابان من قائمة الشركاء التجاريين الموثوق بهم وأعلنت أنها ستنهي اتفاقية المشاركة العسكرية مع اليابان التي تم توقيعها في عام 2016.