مقالات

أمريكا والأكراد.. تاريخ طويل من الخيانة! – بقلم الباحث البارز ستيفن كوك

تناول الباحث البارز ستيفن كوك في مقال نشره موقع مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية الهجوم التركي على شمال شرق سوريا وتخلي الولايات المتحدة عن الأكراد، قائلاً إن قرار الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي إعادة انتشار القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا والتنكر للعلاقة الأمنية مع قوات سوريا الديمقراطية، قد أحدث ضجة في واشنطن.

الباحث البارز ستيفن كوك


أمريكا تخون اليوم الشعب الذي مات كي لا يموت أمريكيون، وسوريا هي المثال الأخير لاستغلال واشنطن اليأس الكردي ورأى كوك أن الانتقاد، الموجه لقرار ترامب المدمر والفظيع من الناحية الأخلاقية، ربما بدا جيداّ، لكن رائحة النفاق تفوح منه. فالمسؤولون في الإدارتين الأمريكيتين الأخيرتين لم يوجهوا أي تحذير ذي صدقية للحكومة التركية من عواقب غزو سوريا لأن المسؤولين في أنقرة يعلمون أنه لن يصدر مثل هذا التحذير. وبالكاد أطلقت الولايات المتحدة احتجاجاً عندما نفذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توغلين في شمال سوريا على رغم انهما عرضا حياة الجنود الأمريكيين للخطر. 

رهان الأتراك
ويعتمد الأتراك على جزء من البيروقرطية الأمريكية ومجتمع المحللين وأعضاء في الكونغرس الذي يعرضون حجج دفاع عن العلاقة الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة وبأنه لن تترتب أضرار جسيمة عن انقلاب الولايات المتحدة على حلفائها في شمال سوريا. وقبل بضعة أسابيع، كان السناتور الجمهوري الأكثر انتقاداً لأردوغان الآن، يقترح على تركيا اتفاقاً للتجارة الحرة وطريقة للعودة إلى المشاركة في برنامج انتاج مقاتلات إف-35 الأمريكية بعدما علقت إدارة ترامب المساهمة التركية فيه إثر شراء أنقرة صواريخ إس-400 الروسية.

وأشار إلى أنه بموجب هذه الظروف، يستغرب المرء استمرار الأكراد بمحض واشنطن الثقة، معتبراً أن الجواب يجب أن يكون واضحاً: الولايات المتحدة دولة قوية ويمكنها أن تنافق، بينما الأكراد ضعفاء ومكرهون على أن يكونوا على شيء من السذاجة.

علاقة وليدة الصدفة
وقبل الاستطراد أكثر، يقول كوك إنه من المهم توضيح عدد من النقاط، فالعلاقة بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية التي تضم وحدات حماية الشعب الكردية، هي وليدة الصدفة. وأمام خيار التعامل مع ثاني أكبر دولة في حلف شمال الأطلسي أو التعامل مع ميليشيا مرتبطة بحزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح التنظيمات الإرهابية، فإن واشنطن ستفضل على الدوام العمل مع تركيا. وتكمن المشكلة في أن أردوغان والمسؤولين الأتراك لا يريدون العمل مع الولايات المتحدة. وعندما كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يبحث عن حلفاء لمحاربة داعش عام 2014، قال الاتراك إنهم لن يوافقوا على المضي مع الولايات المتحدة في هذا الأمر لأن الاستراتيجية الأمريكية لا تتضمن تغيير النظام في دمشق. وبالنسبة لأردوغان فإن داعش وحزب العمال الكردستاني هما الشيء نفسه، ويشير إلى أن الحزب هو أولويته.

ورأى الكاتب إلى أن أمريكا تخون اليوم الشعب الذي مات كي لا يموت أمريكيون، وسوريا هي المثال الأخير لاستغلال واشنطن اليأس الكردي من أجل تحقيق الأهداف الأمريكية ومن ثم الانقلاب على الأكراد.

سوابق
وفي السبعينيات سخّر هنري كيسينجر أكراد العراق لمضايقة صدام حسين، الذي كان يومذاك الخصم الإقلمي لشاه إيران الحليف الموثوق للولايات المتحدة. ومع ذلك لا تريد واشنطن للأكراد أن يكونوا أقوياء كثيراً أو ناجحين. وبالنتيجة تخلت أمريكا عنهم عندما هاجمهم صدام. وفي عام 1991 حصل شيء مشابه عندما كان جورج بوش الأب في الرئاسة، عندما ترك الجيش العراقي يسحق انتفاضة الأكراد والشيعة.

وفي عام 2017 لم تدعم واشنطن قرار أكراد العراق بالانفصال النهائي عن بغداد وإقامة دولتهم المستقلة. وعليه أصبح من المبتذل اللجوء إلى تكرار مقولة اللورد بالمرستون وشارل ديغول وهنري كيسينجر، بأن الدول ليس لها أصدقاء دائمون وإنما مصالح دائمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى