أحداث خفية من قمع تظاهرات ذي قار جنوبي العراق
ذي قار… المدينة التي انطلق منها حرف الكتابة الأول نحو العالم، العريقة بتاريخها، ومعالمها الأثرية، وأهوارها الساحرة، في الجنوب العراقي، شهدت على مدى الأيام الستة من بداية تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، تظاهرات رافقتها احتجاجات غاضبة إثر العنف المفرط الذي استخدم في قتل المتظاهرين، واعتقالهم.
سجلت محافظة ذي قار، جنوب العاصمة بغداد، الحصيلة الأكبر بعدد القتلى المتظاهرين، بين باقي المدن التي انطلقت فيها التظاهرات مطلع أكتوبر، لإقالة رئيس الحكومة الاتحادية، عادل عبد المهدي، وحل البرلمان، بعد سنوات من الصبر على انعدام التعيينات، وتفشي الفساد الذي نال الحصة الكبرى من فرص العمل والحياة.
وحال حجب مواقع التواصل الاجتماعي جميعها وعلى رأسها “فيسبوك”، و”تويتر”، و”أنستغرام”، في عموم البلاد عدا إقليم كردستان، في اليوم الثاني من انطلاق التظاهرات، ومن بعدها قطع تام بخدمة الإنترنيت، دون نقل الحقائق، والتسجيلات المصورة للتظاهرات التي خرجت للمطالبة بالحقوق، وفرص العمل.
تنشر “سبوتنيك”، تسجيلات مصورة، حصلت عليها بشكل خاص، للتظاهرات التي شهدتها محافظة ذي قار بالتحديد، التي شارك بها عشرات الآلاف من الشباب، والرجال، منذ الأول من أكتوبر، وحتى السادس من الشهر، رغم عمليات القمع التي تعرضوا لها، من استخدام الرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل للدموع، والماء الساخن، ما أسفر عن مقتل 19 متظاهرا، وإصابة أكثر من 300 شخص بجروح متفاوتة.
تظهر التسجيلات المصورة، قيام قوات “حفظ الشغب”، بإطلاق الرصاص الحي، لقمع التظاهرات في ذي قار، وملاحقة المتظاهرين، لتفريقهم، ما أدى إلى وقوع القتلى والجرحى، ما دفع المحتجين إلى الغضب واقتحام مبنى المحافظة، وإشعال النار فيه، وكذلك اقتحام مقرات الأحزاب الإسلامية التي استخدم عناصرها الرصاص الحي أيضا في استهداف المتظاهرين.
وشكل المتظاهرون سريرا بشريا لالتقاط المحتجين الذين رموا أنفسهم من سطح مقر منظمة بدر، بعدما حاصرتهم النيران التي أضرموها في المقر، في مركز ذي قار، وتم التقاطهم دون أذى.
ووثق المتظاهرون، قيام بعض عناصر قوات “حفظ الشغب” أو ما يطلق عليهم “سوات” من أعلى إحدى البنايات برمي أحجار السيراميك التي اقتلعوها من المبنى، لضرب المتظاهرين.
وعلمنا من شهود عيان، ومتظاهرين، وناشطين، شاركوا في التظاهرات، أن حملات اعتقال واسعة لازالت تلاحق كل من شارك في التظاهرات، إضافة إلى الـ”مكاومة” المحاسبة العشائرية من قبل الأحزاب الإسلامية، لذوي المشاركين في التظاهر.
وكان عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، علي البياتي، قد أعلن في تصريح خاص لمراسلتنا، السبت، 5 أكتوبر، ، عن مقتل وإصابة أكثر من 400 شخص إثر قمع تظاهرات ذي قار.
وأوضح البياتي أن 19 شخصا أغلبهم من المتظاهرين قتلوا، فيما أصيب 301 آخرون، بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع والهراوات التي استخدمت من قبل الأجهزة الأمنية في قمعها للتظاهرات.
وكشف عن إصابة 85 منتسبا من الأجهزة الأمنية، بجروح، ونوه إلى أن عدد المتظاهرين الذين اعتقلوا بلغ 65 شخصا، وتم إطلاق سراحهم.
ولفت عضو المفوضية، إلى أن قائد شرطة ذي قار أمر القوات الأمنية اليوم بعدم استخدام الهراوات، وقبل ذلك، أمرها بعدم استخدام السلاح والرصاص الحي تجاه المتظاهرين، وتوزيع الماء والعلم العراقي عليهم.