تقرير ألماني: قطر تبني ملاعب “كأس العالم” على جثث العمالة
وتمكنت مجموعة من الصحفايين التابعين للقناة من جمع معلوماتهم بشكل سري للوقوف على الحقائق المروعة التي ذكرها العمال عن الأحوال السيئة التي يعيشونها من ساعات العمل الطويلة والشاقة وتأخر في دفع المستحقات التي تعتبر أدنى مستوى للأجور في قطر.
وذكر تقرير القناة الألمانية الذي نشر بتاريخ الخامس من يونيو (حزيران) أن 2 مليون عامل أجنبي ممن تصفهم الدوحة بالعمالة الرخيصة (قليلة الأجر) يقومون على أعمال البناء لملاعب كرة القدم تحضيراً لكأس العالم المقبل في قطر.
وقام فريق عمل القناة بزيارة سوق “العطية الشعبي” الذي يبعد 20 دقيقة عن العاصمة الدوحة، حيث تتواجد العمالة الوافدة من نيبال والهند، وبنغلاديش، للاطلاع على أحوال هؤلاء العمال عن قرب وفي كل مرة كان الصحفيين يوجهون أسئلتهم للعمالة الوافدة حول أحوالهم المعيشية وكانت الإجابة مشتركة، عن تأخر في الرواتب، ووضع سكني مزري، وسحب لجوازات السفر.
وأوضح التقرير أن العديد من العمّال يشعرون بالخوف من مرؤوسيهم في العمل، حيث طلبوا إخفاء هوياتهم أثناء تصوير التقرير الاستقصائي.
مساجين
وخلال حوار الصحفيين مع إثنين من العمالة النيبالية قال أحدهم الذي طلب عدم ذكر اسمه: “نحن هنا أشبه بالمساجين وغذائنا هو الماء والخبز فقط، بل لا يمكننا حتى إجراء المكالمات مع عائلاتنا والأحوال تسوء مع مرور الوقت، الآن لا أستطيع التحمّل وكل ما أريده هو العودة إلى وطني”.
وقال العامل الآخر: “لقد طالبنا بالحصول على مرتباتنا أكثر من مرة ولكن لم نحصل على شيء ثم ذهبنا إلى مصلحة شؤون العمّال ولكن دون جدوى”.
ولفت التقرير إلى أن السلطات القطرية في محاولة منها لإخفاء حقيقة أوضاع عمال الانشاءات في المراكز الرياضية التي تعدها لاستقبال كأس العالم وعند طلب الصحفيين الأجانب تقديم طلب رسمي لمقابلة العمالة تقوم السلطات بالذهاب بهم الى أحد المجمعات النظيفة التي يتم فيها تلقين العمالة المعلومات الإيجابية عن أوضاعهم.
غير أن ما رصده التقرير في الحقيقة عكس ذلك تماماً، وظهر في التقرير من داخل أحد المجمعات السكنية للعاملين النبالييّن، المراحيض المفتوحة غير النظيفة إضافة إلى سُرر متناثرة تحت حرارة الشمس، والقمامة المنتشرة في كل مكان، وهو ما لا يلبي أقل إجراءات السلامة الصحية.
وأظهر التقرير أنه في غرفة أحد العاملين الصغيرة ينام 8 أشخاص، بينما اجتمع العمال الساكنون في الغرفة بشكل سرّي وأوضحوا لفريق العمل مشاكلهم وأكدوا أنهم لم يحصلوا على مرتباتهم منذ أشهر بالإضافة إلى قيام السلطات القطرية بسحب جوازات سفرهم من قبل الشركة المسؤولة التي تحمل اسم “Design” وباشر فريق التحقيق الاستقصائي التواصل مع الشركة والسلطات القطرية المسؤولة، ولكنه لم يتلق أية ردود.
وقال أحد العاملين: “بعض الأحيان أقول لنفسي، أليس الموت أفضل بكثير من هذه الحياة؟ عائلتي في نيبال تعاني ولم أتمكن من إرسال المال إليهم منذ 8 شهور”. وأكدت زوجة ذلك العامل المعلومات عندما قام فريق العمل بزياراتها في بيتها بنيبال.
من جانبها أوضحت السلطات النيبالية أن 1426 عاملاً نيبالياً لقوا حتفهم في قطر في الفترة ما بين العام 2009 وحتى 2019 من بينهم 522 عامل ماتوا بسبب الجلطات القلبية المفاجئة.
وأوضح “Nagindar Yadav” (وهو من بين الناجين من قطر) أنه شاهد العديد من العمال الذين لقوا حتفهم أمام عينه بسبب الأوضاع السيئة هناك. وأن مجموعة أخرى تلقت في أحياناً أخرى الضرب في مكاتب الشركة الراعية التي تحمل اسم “Tawasol”، حيث لم يُسمح لها بالبقاء في الغرفة في حال المرض، بل يجب الخروج تحت درجات الصيف الحارقة.
وكشف تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية عن كيفية انتهاز الشركات المتشاركة في تشييد البنية التحتية لكأس العالم 2022، نظام الكفالة السائد في قطر لاستغلال عشرات العمال الأجانب بغير وجه حق.
ودعت المنظمة منذ العام 2014 وحتى 2018 على التوالي الحكومة القطرية إلى ضمان حصول العمال على الأموال التي يستحقونها جراء عملهم، وعلى إصلاح نظام “الكفالة” الذي سمح للعديد من الشركات باستغلال العمال الأجانب، على النحو الذي وثقته منظمة العفو الدولية، ومنظمات أخرى، منذ عام 2013.