السياسة

تقرير: إيران تحت الضغط الفرنسي

خيّم توتر شديد “مفاجئ” على العلاقات الفرنسية الإيرانية اليوم الثلاثاء، خاصة أنه جاء بعد المساعي الأوروبية ومن ألمانيا تحديداً لإنقاذ الاتفاق النووي مع طهران الذي انسحبت منه واشنطن في مايو(أيار) الماضي.
وبدأ التصعيد حين قررت فرنسا تجميد أصول مالية لفردين إيرانيين وأصولاً مملوكة للمخابرات الإيرانية، بسبب التخطيط لشن هجوم إرهابي على المعارضة في فيلبانت قرب باريس.

وقال مسؤول فرنسي كبير إن “باريس ليس لديها أي شك في مسؤولية عناصر من النظام الإيراني عن مخطط التفجير، الذي من المرجح أن يكون من تخطيط متشددين”.

وأكد مصدر دبلوماسي آخر أن المخابرات الفرنسية خلصت إلى أن وزارة الاستخبارات الإيرانية أمرت بشن الهجوم، مشيراً بالاسم إلى مسؤول الاستخبارات سعيد هاشمي مقدم، وأضاف أن “وراء هذا، كان هناك تحقيق طويل ودقيق ومفصل أجرته أجهزتنا ومكننا من التوصل إلى هذه النتيجة، وهي أن المسؤولية تقع دون شك على عاتق وزارة الاستخبارات”.

وكما قال بيان مشترك لوزارات الخارجية والداخلية والاقتصاد في فرنسا: “أحبطنا محاولة هجوم في فيلبانت يوم 30 يونيو(حزايران) الماضي، حادث بمثل هذه الخطورة على ترابنا الوطني لا يمكن أن يمر دون رد”.

تجميد الأصول
وذكرت الجريدة الرسمية اليوم، أن السلطات الفرنسية قررت تجميد أصول إيرانيين وإدارة الأمن في وزارة الاستخبارات الإيرانية، مرتبطة بخطة الاعتداء الفاشلة في نهاية يونيو(حزيران) الماضي، على تجمع لحركة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في فيلبانت، قرب باريس.

وقال البيان الفرنسي “إن تجميد الأصول استهدف فردين، هما أسد الله أسدي المولود في 22 ديسمبر(كانون الثاني) 1971 في إيران، وهو الاسم نفسه الذي يحمله دبلوماسي إيراني أوقف في قضية التخطيط المفترض للاعتداء على تجمع نظمته مجموعة إيرانية معارضة في فرنسا في يونيو(حزيران) الماضي، وأما الثاني فهو سعيد هاشمي مقدم، كما استهدف وحدة تابعة للمخابرات الإيرانية”.

وجاء في الجريدة الرسمية، أن الرجلين، وإدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، لا يُمكنها ابتداءً من اليوم التصرف أو ملكية أي أصول مالية أو عقارية ثابتة أو منقولة، في فرنسا مدة 6 أشهر.

ويمنع قرار التجميد أيضاً الحصول على أي أموال، أو أملاك في فرنسا في المدة الزمنية المذكورة، وذلك عملاً بقانون الصرف والنقد في فرنسا، في الفقرة إل – 562- 2 وما يليها، والذي يقضي بتجميد أموال كل من يتورط أو يُسهل جرائم إرهابية، أو يُشجع عليها.

وكما جمدت أموال جمعية “مركز الزهراء في فرنسا”، التي استُهدفت بعملية لمكافحة الإرهاب في بلدة غراند سانت شمال البلاد، لـ6 أشهر.
وتعتبر الجمعية أحد أهم المراكز الشيعية الرئيسية في أوروبا، ويضم عدة جمعيات بينها “الحزب ضد الصهيونية” و”الاتحاد الشيعي لفرنسا” و”فرنسا ماريان تيلي”، وجميعها تعرضت لتجميد أموالها لمدة 6 أشهر اعتباراً من اليوم.

وتشتبه السلطات الفرنسية في أن هذه الجمعيات “تشرع الإرهاب” و”تمجد حركات متهمة بالإرهاب” مثل حركة حماس، وحزب الله اللبناني، المدعومين من إيران، وأضافت أن نشاطات المركز تخضع لمتابعة دقيقة بسبب تأييد قادته الواضح لمنظمات إرهابية عديدة وحركات تروج أفكاراً مخالفة لقيم الجمهورية الفرنسية.

ولم تذكر الحكومة الفرنسية تفاصيل بشأن الأصول المعنية، ووصفت الإجراءات بأنها محددة ومتناسبة، مضيفة أنها تحركت ضد المحرضين والمخططين والمنفذين للهجوم الذي تم إحباطه.

مداهمات واعتقالات
وقالت مصادر قريبة من الملف، وأخرى في الشرطة، إن 11 شخصاً أوقفوا صباح اليوم، بعد عمليات مداهمة إدارية للجمعية ولمنازل مسؤوليها الرئيسيين بسبب دعمهم الواضح، للعديد من المنظمات الإرهابية”.

وذكرت مصادر قريبة من الملف وفي الشرطة أن نحو 200 شرطي، داهموا 12 مكاناً وفتشوا مقر المركز ومنازل أبرز مسؤوليه، وأوضحت أن الشرطة صادرت أسلحة ومواد أخرى وأوقفت 11 شخصاً، وأبقت ثلاثة منهم محتجزين قيد التحقيق.
وذكر مصدر ثان قريب من التحقيق أن “بعض الذين فُتشت منازلهم يملكون أسلحة بطريقة قانونية”، وقالت شرطة باريس إن العملية التي بدأت في السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، تندرج في إطار التصدي للإرهاب.

نزاع دبلوماسي
وتزامناً مع قرارات التجميد والاعتقالات، أعنلت فرنسا تعليق تسمية سفيرها الجديد في إيران انتظاراً لتوضيحات من طهران حول التخطيط لاعتداء قرب باريس أحبطته أجهزة الاستخبارات الفرنسية.

ويأتي ذلك بعدما قالت المخابرات الفرنسية إنها توصلت إلى أن مسؤول الاستخبارات الإيراني سعيد هاشمي هو مقدم أمر بشن هجوم باريس، في مدينة فيلبانت.

وكان مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صرح بأن طهران وعدت بتزويد فرنسا خلال الأسابيع المقبلة بمعلومات “موضوعية” تسمح باستمرار العلاقات الدبلوماسية بشكلها الاعتيادي.
تحذيرات فرنسية ونفي إيراني
وبدورها، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن “برنامج إيران للصواريخ الباليسيتية النووية يمثل تهديداً، وإن نفوذها في منطقة الشرق الأوسط مبعث قلق كبير”.

وحذرت فرنسا طهران من أنها ينبغي أن تتوقع رداً قوياً على إحباط محاولة الهجوم، الأمر الذي فاقم توتر العلاقات الدبلوماسية.
ومن جهة أخرى، نفت إيران الاتهامات التي وجهتها فرنسا إلى دبلوماسي إيراني بالتورط في خطة لتنفيذ اعتداء تفجيري، كان يستهدف تجمعاً لمعارضين إيرانيين في المنفى، في 30 يونيو (حزيران)، لكنه أحبط.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي، في بيان صحافي، “ننفي بشدة هذه الاتهامات وندين اعتقال الدبلوماسي الإيراني، ونطالب بإطلاق سراحه فوراً”.

يذكر أن مخطط التفجير استهدف اجتماعاً عقده المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يتخذ من باريس مقراً، على مشارف العاصمة الفرنسية، وحضره محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رودي جولياني، وعدة وزراء أوروبيين وعرب سابقين.
ويأتي القرار الفرنسي بعدما ألقت ألمانيا القبض على دبلوماسي إيراني معتمد في النمسا، بينما ألقي القبض على شخصين آخرين بحوزتهما متفجرات في بلجيكا، وقضت محكمة في جنوب ألمانيا، أمس الإثنين، بإمكانية ترحيل الدبلوماسي إلى بلجيكا.

وقد يكون لتدهور العلاقات مع فرنسا تداعيات أكبر على إيران، إذ يأتي في وقت تتطلع فيه حكومة الرئيس حسن روحاني للعواصم الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015 بين إيران وقوى عالمية، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى