الصين تضخ المليارات في الاقتصاد الإيراني مع تباطؤ شركات غربية
يقول مسؤولون إيرانيون إن الصين تمول مشاريع بمليارات الدولارات تقودها شركات صينية في إيران، وهو ما يتيح لها فرصا للنفاذ إلى عمق الاقتصاد بينما يواجه منافسوها الأوروبيون صعوبات في العثور على بنوك مستعدة لتمويل طموحاتهم. وقالوا إنه بعد عامين من تحررها من العقوبات النووية التي أصابت اقتصادها بالشلل، تجتذب إيران تمويلا صينيا غير مسبوق إلى قطاعات شتى من السكك الحديدية إلى المستشفيات. وأنشأت سيتيك جروب ذراع الاستثمار المملوكة للدولة مؤخرا خطا ائتمانيا بقيمة عشرة مليارات دولار ويدرس بنك التنمية الصيني تخصيص 15 مليار دولار أخري.
وقالت فريال مستوفي رئيسة لجنة الاستثمار بغرفة التجارة الإيرانية على هامش اجتماع استثماري إيراني-إيطالي في روما “من الأفضل لها (الشركات الغربية) أن تأتي سريعا إلى إيران وإلا فإن الصين ستتولى هذا الأمر”.
ويتناقض التمويل الصيني بشكل صارخ مع نضوب التمويل من المستثمرين الغربيين منذ أن تنصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع القوى الكبرى في 2015، وهو ما يثير تهديدا باحتمال إعادة فرض العقوبات.
ويقول مسؤولون إيرانيون إن الاتفاقات جزء من مبادرة الحزام والطريق لبكين البالغ قيمتها 124 مليار دولار والتي تهدف إلى تشييد بنية تحتية جديدة، بدءا من الطرق السريعة والسكك الحديدية إلى الموانئ ومحطات الكهرباء، بين الصين وأوروبا لتمهيد الطريق لتوسعة التجارة. ووصف مصدر مطلع في الصين الخط الائتماني لسيتيك والذي تم الاتفاق عليه في سبتمبر أيلول بأنه “اتفاق استراتيجي للنوايا”.
وامتنع المصدر عن ذكر تفاصيل المشاريع التي سيجري تمويلها، لكن تقارير لوسائل إعلام إيرانية قالت إنها ستتضمن مشاريع لإدارة المياه والطاقة والبيئة والنقل. وقال مصدر بالبنك المركزي الإيراني إن القروض بموجب الخط الائتماني ستقدم بشكل أساسي باليورو واليوان.
وفي الخامس عشر من سبتمبر أيلول ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء (ايرنا) إن بنك التنمية الصيني وقع مذكرة تفاهم بقيمة 15 مليار دولار. وامتنع البنك نفسه عن التعقيب تماشيا مع إحجام الكثير من المستثمرين والبنوك الأجنبية، بما في ذلك من الصين، عن مناقشة أنشطتهم في إيران. وكثيرا ما تنشر المواقع الإلكترونية للبنوك والشركات معلومات محدودة أو لا تقدم أي معلومات بشأن عملياتها في إيران.
*قوة مؤثرة ولدى إيران، التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة بينهم طبقة متوسطة كبيرة ورفيعة المستوى، الامكانيات لكي تصبح قوة اقتصادية مؤثرة في المنطقة. لكن مع خطر العقوبات الذي يلوح في الأفق، يرغب عدد متزايد من المستثمرين الأجانب في أن تصدر طهران ضمانات سيادية لحمايتهم في حالة توقف المشاريع. وتأثرت العلاقات الاقتصادية بين إيران وإيطاليا أكبر شريك تجاري لها في أوروبا.
وشركة السكك الحديدية الإيطالية المملوكة للدولة (فيروفي ديلو ستاتو) هي الاستشاري في مشروع لبناء خط للقطارات بطول 415 كيلومترا من شمال البلاد إلى جنوبها، بين طهران وآصفهان عبر مدينة قم، والذي تنفذه شركة هندسة السكك الحديدية الصينية المملوكة للدولة.
وجرى توقيع عقد منفصل مع الشركة الإيطالية لبناء خط للسكك الحديدية يمتد من قم إلى آراك في الغرب لكنها تحتاج إلى تمويل بقيمة 1.2 مليار يورو. ورغم أنها مدعومة من وكالة تأمين الصادرات الحكومية إلا أنها تقول إنها بحاجة إلى ضمان سيادي.
وقال ريكاردو مونتي رئيس مجلس إدارة إيطالفير، الوحدة الهندسية التابعة للشركة المملوكة للدولة “نضع اللمسات النهائية على المفاوضات ونحن متفائلون بشأن السير قدما” مضيفا أنه سيتم استكمال التمويل بحلول مارس آذار من العام القادم. ووثقت بنوك أوروبية قليلة العلاقات التجارية مع إيران هذا العام، ووقع أوبر بنك النمساوي اتفاق تمويل مع إيران في سبتمبر أيلول.
وبرهنت كوريا الجنوبية أيضا على رغبتها في الاستثمار، مع قيام بنكها للتصدير والاستيراد بتوقيع خط ائتمان بقيمة ثمانية مليارات يورو لمشاريع في إيران في أغسطس آب، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية. لكن الصين متفردة. ويعتقد فاليريو دي مولي رئيس مؤسسة يوروبيان هاوس أمبروستي البحثية أن الصين تشكل الآن ما يزيد على ضعفي حصة الاتحاد الأوروبي في إجمالي تجارة إيران.
وقال دي مولي “حان وقت العمل، وإلا فإن الفرص التي جرى توطيدها حتى الآن ستضيع أدراج الرياح”. ويشعر بعض المسؤولين الإيرانيين بالقلق من أن الاستثمار قد يصبح غير متوازن ويدرسون سبلا مبتكرة للحفاظ على روابط الاستثمار مع الغرب.
وتشجع غرفة التجارة الإيرانية الشركات الغربية على بحث نقل التكنولوجيا كوسيلة للحصول على حصة في مشاريع إيرانية بدلا من التركيز على رأس المال. وقالت مستوفي إنها تسعى أيضا للحصول على موافقة على تأسيس صندوق خارجي بقيمة 2.5 مليار يورو، ربما في لوكسمبورج، كوسيلة غير مباشرة للأجانب للاستثمار في إيران وخصوصا في الشركات الإيرانية الصغيرة والمتوسطة. ومن المنتظر أن يصدر الصندوق الضمانات المالية التي يريدها الأجانب في مقابل رسوم.
لكن في الوقت الراهن تظل شركات غربية كبيرة عالقة. وتعمل شركة انسالدو انرجيا الإيطالية لتكنولوجيا الطاقة، والتي تسيطر عليها مؤسسة الاستثمار الحكومية سي.دي.بي والمملوكة جزئيا لشنغهاي الكتريك جروب، في إيران منذ 70 عاما. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة جوسيبي زامبيني لرويترز في مؤتمر روما إن هناك الكثير من الفرص لعقود جديدة لكن يديه مغلولتان في الوقت الحالي لأسباب من بينها أن سندات لانسالدو في حيازة مستثمرين أمريكيين أيضا. وأضاف قائلا “قلبي يحدثني بأننا نخسر شيئا”.