السياسة

بوتين وإردوغان يتحركان لإصلاح العلاقات وسط توتر مع الغرب

خطت روسيا وتركيا خطوة كبيرة نحو تطبيع العلاقات بالإعلان عن تعجيل التعاون في التجارة والطاقة في وقت تشهد فيه علاقات البلدين توترا مع الغرب.

واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس التركي طيب إردوغان في قصر يعود إلى حقبة روسيا القيصرية خارج سان بطرسبرج مسقط رأس الرئيس الروسي.

والزيارة هي أول رحلة خارجية للرئيس التركي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي التي أضرت بشدة بعلاقات أنقرة مع الولايات المتحدة وأوروبا.

وتحظى الزيارة بمتابعة شديدة في الغرب حيث يخشى البعض من أن يستغل الزعيمان اللذان لا يتهاونان مع المعارضين التقارب لممارسة ضغوط على واشنطن والاتحاد الأوروبي وإثارة توترات داخل حلف الأطلسي الذي تنتمي إليه أنقرة.

وقال بوتين إن موسكو ستلغي العقوبات المفروضة على تركيا تدريجيا بعدما فرضتها عقب إسقاط تركيا طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية قبل تسعة أشهر مشيرا إلى أن إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة تمثل أولوية.

وقال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك بعد محادثات تمهيدية “هل نرغب في إصلاح شامل للعلاقات؟ نعم وسوف نحقق ذلك.”

وقال إردوغان إن التعاون سيزداد في مشروعات منها خط أنابيب لنقل الغاز يتكلف 20 مليار دولار ومحطة نووية يبنيها الروس في تركيا وأيضا في القطاع الدفاعي.

وقال الرئيس التركي “إن شاء الله وبهذه الخطوات سيصبح محور موسكو أنقرة مسارا للثقة والصداقة مجددا.”

كما سيبحث الزعيمان الحرب في سوريا رغم أن تحقيق تقدم في الملف السوري مسألة صعبة إذ تؤيد موسكو الرئيس السوري بشار الأسد بينما تريد أنقرة أن يزاح عن السلطة.

وتشعر تركيا بغضب من المخاوف التي عبرت عنها واشنطن والعواصم الأوروبية بشأن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها أنقرة عقب الانقلاب ومما تعتبره تجاهلا لمحاولة الانقلاب نفسها.

وقال الرئيس التركي إن الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه بوتين بعد محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي “كان له معنى كبيرا من الناحية النفسية”.

* شعور مناهض للولايات المتحدة

حذر مسؤولون أتراك يوم الثلاثاء من ازدياد مشاعر مناهضة للأمريكيين ومخاطر أزمة مهاجرين مع أوروبا في دلالة على توتر العلاقات.

ويتهم إردوغان رجل الدين فتح الله كولن المقيم في منفى اختياري بالولايات المتحدة منذ عام 1999 وأتباعه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.

وفي موسكو ألمح إردوغان أيضا إلى أن أتباع كولن في الجيش قد يكونون مسؤولين عن إسقاط الطائرة وأبلغ مجلسا تركيا روسيا للأعمال أنهم “استهدفوا بوضوح العلاقات بين بلدينا” رغم أنه لم يوجه اللوم المباشر لهم.

وقال الحزب الحاكم في الدنمرك يوم الثلاثاء إنه ينبغي للاتحاد الأوروبي إنهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي تماما بسبب “مبادرات إردوغان غير الديمقراطية” لتصبح أحدث دولة أوروبية تدين التطورات في تركيا.

وقال وزير العدل التركي بكير بوزداج إن العداء تجاه الولايات المتحدة يزداد بين الأتراك ولا يمكن أن يتلاشى إلا بتسليم كولن الذي ينفي أي صلة بمحاولة الانقلاب ويدينها.

وقال الوزير في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول بثت مباشرة على التلفزيون التركي “يوجد شعور خطير مناهض للولايات المتحدة في تركيا يتحول إلى كراهية. الأمر يعود للولايات المتحدة لوقف هذه الشعور المناهض لها الذي يؤدي إلى الكراهية.”

وفي واشنطن قالت وزارة الخارجية الأمريكية في تعليقها على مزاعم في الصحافة التركية تتهم مركز أبحاث أمريكيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة إن مثل هذه اللهجة التحريضية لا تفيد.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية إليزابيث ترودو عندما سئلت عن مزاعم بضلوع مركز أبحاث وودرو ولسون في محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي “هذا الشكل من نظرية المؤامرة واللهجة التحريضية.. لا فائدة منها على الإطلاق.”

ورغم توقيت الزيارة الروسية أصرت تركيا على أن اجتماع إردوغان بالرئيس الروسي لا يدل على تغير جذري في السياسة الخارجية التركية.

وتستضيف تركيا قوات وطائرات حربية أمريكية في قاعدة انجيرليك الجوية وهي منصة انطلاق مهمة في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

وأبلغ وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير صحيفة بيلد أنه ليس قلقا من تحسن العلاقات الروسية التركية.

وأضاف “من الجيد حدوث تقارب بعد إسقاط تركيا طائرة روسية مقاتلة العام الماضي. ولا أعتقد في نفس الوقت أن العلاقات بين الدولتين ستصبح قريبة بدرجة تستطيع معها روسيا توفير بديل لتركيا عن الشراكة الأمنية في حلف شمال الأطلسي.”

* اتفاقية بمجال الطاقة النووية

قال بوتين لإردوغان إنه يأمل أن تصلح أنقرة كل النظام بعد محاولة الانقلاب بالفاشلة موضحا أن موسكو تعارض دائما أي إجراءات غير دستورية.

وأضاف “أريد أن أعرب عن الأمل في أن يتغلب الشعب التركي في ظل قيادتكم على هذه المشكلة (ما بعد الانقلاب) وأن يجري استعادة النظام والشرعية الدستورية.”

ولقاء إردوغان ببوتين هو الثاني للرئيس التركي مع زعيم دولة أجنبية منذ الانقلاب بعد زيارة رئيس قازاخستان لأنقرة يوم الجمعة.

كما سيعود البلدان للعمل على الوصول بالتجارة الثنائية السنوية إلى 100 مليار دولار وهو الهدف الذي تعطل بعد فرض العقوبات الروسية.

وتأثرت إيرادات السياحة وهي أحد دعائم الاقتصاد التركي بتراجع بنسبة 87 في المئة في عدد الزوار الروس في الأشهر الستة الأولى من العام.

وقال بوتين إن قضية استئناف رحلات الطيران العارض إلى تركيا التي توقفت بسبب العقوبات ستحل في القريب العاجل.

وقال الزعيمان إنهما وافقا أيضا على إحياء مشروع خط أنابيب لنقل الغاز المعروف باسم “تورك ستريم” الذي سيمد أنقرة بكميات إضافية من الغاز الروسي وعلى زيادة الإمدادات إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل.

وتدرس روسيا عددا من المشروعات لتزويد أوروبا بالغاز دون المرور بأوكرانيا لكن أوروبا رفضت معظم المشروعات مع سعيها لإنهاء اعتمادها على الغاز القادم من روسيا التي تقدم حاليا ثلث الاحتياجات الأوروبية.

وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن الانبوب الأول في مشروع خط أنابيب تورك ستريم قد يبنى في 2019 لكن هناك حاجة إلى ضمانات من الاتحاد الأوروبي لمد خط الأنابيب الثاني الذي سينقل الغاز من روسيا إلى دول التكتل عبر تركيا.

وقال الزعيمان إن العمل الروسي المتوقف في محطة أكويو للطاقة الكهربائية التي تعمل بالطاقة النووية في تركيا سيستأنف أيضا. وفي 2013 فازت شركة “روس أتوم” بعقد بقيمة 20 مليار دولار لبناء أربعة مفاعلات في إطار ما سيكون أول محطة نووية تركية لكن أعمال البناء توقفت بعد إسقاط الطائرة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى