هجوم وحشي يهز واحة الأجانب الهادئة في داكا
على حديقة غناء.. يطل مبنى فخم يضم مخبز (هولي أرتيزان) في الطابق السفلي ومطعم (أوكيتشن) في طابقه العلوي فيبدو كما لو كان واحة في مدينة تتزايد فيها المخاطر.
لكن هذه الصورة تبددت حوالي الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي امس الجمعة بعد أن اقتحم مسلحون بوابة المبنى الذي يبيع المعجنات والبيتزا للصفوة في داكا.
قالت أجنيس بارولو زوجة مستشار الشؤون الدولية لرئيسة وزراء بنجلادش “إنه مكان فخم.. ملتقى الدبلوماسيين ورجال الأعمال الناجحين والسياسيين.
“الصفقات تبرم هناك كما تجري المناقشات السياسية.”
وتابعت أنه في بنجلادش -حيث تواترت الأنباء في الآونة الأخيرة بإقدام جماعات جهادية على قتل ليبراليين ومنتمين لأقليات دينية وآخرين- كان هذا المكان بقعة خاصة.
ولم يتضح على الفور الأثر الأوسع للهجوم -الذي خلف 20 قتيلا مدنيا واثنين من رجال الشرطة وستة مسلحين- على مناحي الحياة والعمل في هذه الدولة الآسيوية التي تعتمد بشكل كبير على الأجانب وعلى قطاع تصدير الملابس البالغ حجمه 26 مليار دولار. وكان البنك الدولي حذر من قبل من أن التشدد قد يعطل مسيرة بنجلادش لكي تصبح دولة متوسطة الدخل.
وقال متحدث باسم الجيش في بنجلادش إن معظم القتلى العشرين أجانب ونقل مسؤول من وزارة الداخلية في بنجلادش عن ناجين من الهجوم قولهم إن المسلحين طالبوا أبناء البلد بالابتعاد عن الطريق.
وقال مسؤول آخر من بنجلادش لشرطة التحقيقات إن أحد المهاجمين لعن أحد رواد المطعم لأنه كان يتناول الطعام مع غير مسلمين خلال شهر رمضان وأعلن أن الدولة ستصبح الآن دولة إسلامية.
وقال محمد صديق الرحمن رئيس رابطة مصنعي ومصدري الملابس الجاهزة في بنجلادش “لم تشهد بنجلادش قط مثل هذا الهجوم المروع. إنه صفعة قوية لصورتنا… إنه يضر بصورتنا وسيضع ضغوطا على أعمالنا.”
* “نكهة أجنبية خالصة”
قال مدير شركة مقرها فرنسا لشراء الملابس في داكا إن عمله قد يعاني الآن ركودا كبيرا.
وأضاف طالبا عدم نشر اسمه “أخشى أن تتخذ الشركة قرارا بتقليص حجم العمل أو تصفيته تماما.”
وكان كثيرون يرون في المطعم والمخبز رمزا لمستقبل ربما كان أكثر انفتاحا على مختلف الثقافات والجنسيات.
قال أسماء الحسنى الصحفي بجريدة ذا ديلي ستار الذي كان كثيرا ما يتردد على المبنى “كانت له نكهة أجنبية خالصة… لا توجد في داكا الكثير من مثل هذه المقاهي.”
وقال علي أرسلان أحد مالكي مطعم (أوكيتشن) إنه غادر حوالي الساعة الثامنة وعشر دقائق مساء قبل اقتحام مجموعة من المسلمين المبنى ذي الواجهة الحجرية والخشبية وهم يكبرون.
وأرسل أحد الطهاة رسالة على صفحة المطعم على تطبيق (واتساب) كتب فيها أن هناك أعيرة نارية. ونقل أرسلان عن روايات تلقاها من مكالمات هاتفية ورسائل نصية لشهود عيان أن المسلحين كانوا يطلقون النار بشكل عشوائي والزبائن كانوا يفرون خوفا كما تجمعت مجموعة من الناس على السطح.
ثم حدثت مذبحة.
قال البريجادير جنرال بالجيش نعيم أشفق تشودري للصحفيين في داكا “معظمهم قتل دون رحمة بآلات حادة الليلة الماضية.” ونشر جناح تنظيم الدولة الإسلامية الإعلامي صورة قال إنها من مكان الحدث وتظهر فيها برك كبيرة من الدماء على الأرض وجثث بجوار مقاعد مقلوبة.
وقال أرسلان إن من السابق لأوانه أن يحدد إن كان هو وشركاؤه سيعيدون فتح المكان.
وقال “بالطبع لا نريد أن ينتصر هؤلاء.. ولكن من الضروري أن تكون لديك القوة من أجل الاستمرار.”