إيطاليا تكافح لإيواء المهاجرين مع استمرار تدفقهم للعام الثالث
عندما ألقت الشرطة القبض على والد لمين داربو قبل عامين لم يجد الصبي البالغ من العمر 16 عاما أمامه سوى ترك دراسته والعمل في مزرعة عمه في جامبيا.. لكن مع يأسه من فرص عودته للدراسة سرق ثورا من المزرعة كي يدفع ثمن رحلته إلى أوروبا.
قال داربو الذي لا يزال يجهل سبب اعتقال والده “بعت الثور… ورحلت قبل أن يكتشف ذلك. كنت أرغب في أن يكون لي مستقبل وأن أصبح شخصا مسؤولا في المستقبل.”
يعيش الشاب حاليا في فيلا قديمة ببلدة كالتاجيروني في جزيرة صقلية الإيطالية التي تؤوي حاليا نحو 50 قاصرا.
وداربو واحد من آلاف المهاجرين الذين خاطروا بحياتهم في رحلات بالقوارب من شمال أفريقيا إلى إيطاليا هذا العام. ويزيد تدفق المهاجرين العبء على نظام الإيواء المثقل أصلا بسبب استقبال أعداد تفوق طاقته حتى قبل قدوم الصيف الذي يشهد زيادة في أعداد الوافدين.
ووصل نحو 27 ألف مهاجر على متن قوارب إلى إيطاليا منذ أول يناير كانون الثاني في ارتفاع طفيف عن نفس الفترة من العام الماضي. وبلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى ايطاليا في 2015 نحو 153 ألفا مقابل 170 ألفا في 2014.
ويُتوقع ارتفاع العدد هذا العام بسبب إغلاق الدول الواقعة على “طريق البلقان” حدودها. وكانت رحلة البلقان تبدأ بالقارب لمسافة قصيرة من تركيا إلى اليونان ومنها برا إلى النمسا.
ومن شأن إغلاق الحدود اتجاه المزيد من المهاجرين للإبحار من ليبيا إلى صقلية أقرب المناطق الإيطالية.
ويسارع الكثير من المهاجرين الجدد للانتقال إلى البلدان الأوروبية الأكثر ثراء رغم إعلان النمسا أنها قد تغلق معبرها الحدودي الرئيسي بمنطقة الألب. ورغم إيواء 113 ألفا منهم في إيطاليا يقيم ثلاثة أرباعهم في مراكز إيواء “مؤقتة”.
ويزداد الموقف صعوبة بالنسبة لقاصر مثل داربو الذي يشترط القانون الإيطالي أن يلقى عناية أكبر ويدمج سريعا في النظام التعليمي.
وقالت وزارة الداخلية الإيطالية إن أكثر من 2700 قاصر وصلوا إلي إيطاليا دون أسرهم في الأشهر الثلاثة الأولى من العام بزيادة أربعة أضعاف العدد عن نفس الفترة من 2015.
* منظومة الإيواء
قال ماريو ماركوني المسؤول الإيطالي عن نظام الهجرة الأسبوع الماضي إن إيطاليا تسعى لتوسيع شبكة مراكز الإيواء لتستضيف 150 ألف شخص من البالغين والقصر العام الحالي.
لكنه أشار إلى إن بعض الحكومات الإقليمية لا ترغب في استقبال المزيد من المهاجرين.
وقالت جيوفانا دي بينيديتو المتحدثة باسم منظمة أنقذوا الاطفال في صقلية “منظومة الإيواء لا تزال غير ملائمة. لا توجد أماكن كافية للجميع لذلك ينبغي توسيع منظومة الإيواء وتحسين مستوياتها.”
وقال دانيال كوتوجنو الطبيب النفسي ومدير المركز الذي يؤوي داربو إن الروتين الحكومي ونقص التنسيق المركزي لمراكز الإيواء يتسببان في بطء عملية اللجوء وإصابة المنظومة بالشلل.
وقال “توجد العديد من العوامل لكن يبدو أن كل شخص لديه تصوره الخاص. نحتاج لتنسيق أكبر.”
كانت منظمة “تير ديزوم” الإغاثية قالت يوم الأربعاء إنها “قلقة للغاية” بشأن الظروف غير الصحية في بوزالو الميناء الواقع جنوب صقلية والذي يستخدم لتحديد هوية المهاجرين الذي يدخلون الأراضي الأوروبية لأول مرة.
وقال كوتوجنو إنه بعد وصول أربعة قوارب محملة بالمهاجرين في ابريل نيسان أصبح مركز بوزالو يؤوي 300 مهاجر نصفهم قصر جاؤوا بدون أسرهم.
* رحلة الصيف
ومن المرجح أن تزداد تحديات استضافة المهاجرين هذا الصيف عندما يصبح هدوء الأمواج عامل جذب لإبحار القوارب المحملة بمزيد منهم.
علاوة على ذلك يدرس الصبية القاطنين في مركز الإيواء في صقلية وتقدموا بطلبات لجوء اللغة الإيطالية ويأملون في الانتقال قريبا إلى مركز أصغر يؤوي 12 شخصا وأن يتم إدراج أسمائهم في مدرسة ثانوية.
وقال أبو بكر جنة الجامبي الجنسية الذي يرغب في دراسة الزراعة “أبذل قصارى جهدي لتعلم اللغة حتى أفهم (دروسي) عندما أذهب للمدرسة.”
ويدرس داربو الإيطالية أيضا وقال “أرغب أن أدرس الأحياء هذا ما أتمنى أن أكون.”