كارثة لبنانية: 1890 إعلامياً يواجهون الصرف
أكثر من 1890 من أصل 2630 موظفاً وإعلامياً يعملون في عشر مؤسسات إعلامية لبنانية يواجهون اليوم القلق على وظائفهم وعلى مستقبل مهنتهم لوحدهم، حيث يتم تأخير دفع رواتبهم لأشهر، أو يتم إعلامهم بإمكان صرفهم من العمل خلال الفترة المقبلة، في سوق تزيد ضيقاً ولا تشهد إطلاق مشاريع محلية جدّية منذ سنوات.
وقد تم صرف أكثر من 156 موظفاً بين عامي 2013 و2016، غالبيتهم تم صرفهم العام الماضي، وسط تهديد طال موظفي “السفير” البالغ عددهم حوالى 150 موظفاً بالصرف منتصف الشهر الماضي، بالإضافة إلى صرف المئات من الموظفين والإعلاميين والصحافيين من المجلات والجرائد، وكذا مكاتب المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية العاملة في بيروت. كل ذلك، بعدما تم صرف أكثر من ألفي إعلامي من وظائفهم بين عامي 2010 ومنتصف 2012، وغالبية عمليات الصرف كانت جمعية.
موظفو الصحف يواجهون المخاطر
فقد وجه رئيس تحرير جريدة “السفير” وناشرها، طلال سلمان، في 15 آذار الماضي، رسالة إلى أسرة المؤسسة، طرح فيها قضية توقف الجريدة عن الصدور في نهاية الشهر ذاته. وبعدما أشار في رسالته إلى أن “حقوق العاملين في المؤسسة مقدسة”، عاد ليعلم العاملين البالغ عددهم حوالى 150 موظفاً وصحافياً وفنياً، أنه سيتم صرف أشهر الإنذار حصراً، من دون دفع التعويضات. وبعد تحركات العاملين في المؤسسة ورفضهم هضم حقوقهم، بالتزامن مع أخطاء ارتكبتها الإدارة في معاملات إغلاق المؤسسة، وفق ما يؤكد مصدر لـ”العربي الجديد”، تراجعت الإدارة عن موعد إقفال السفير “مؤقتاً”، مع تأكيدها مجدداً على دفع حقوق الموظفين كاملة.
وفي 11 آذار، أعلنت جريدة “اللواء” عن “فتح باب الاستقالة أمام من لا يستطيع الاستمرار في العمل في هذه الظروف القاسية”. تقول صحافية في جريدة “اللواء” لـ”العربي الجديد” إن إدارة الجريدة فتحت باب الاستقالة أمام الموظفين غير القادرين على تحمل الأزمة المالية الحاصلة. وتشرح أن الأزمة ليست جديدة، وإنما بدأت منذ سنوات، حيث تم خفض رواتب الموظفين في “اللواء” على مرحلتين، الأولى في عام 2013 بنسبة 10%، والثانية في العام الحالي بالنسبة ذاتها، لينخفض الراتب فعلياً بنسبة 20%، بالرغم من أن هذا الإجراء يخالف قانون العمل تماماً. أما العبارة التي استخدمت في الحالتين فكانت: “إعادة الهيكلة”.
تشير الصحافية إلى أن عدد العاملين في اللواء يبلغ 160 موظفاً، وبعد فتح باب الاستقالات، تقدم حتى اليوم ثلاثة موظفين باستقالتهم، وتم وقف عدد من المراسلين عن العمل. وتضيف: “نحن نشعر بالإحباط، لا يوجد تصور لمستقبل هذه المهنة”.
وننتقل إلى جريدة “الديار”، التي يتبدل فريق العمل فيها سريعاً كأسهم البورصة. يقول أحد الصحافيين فيها إن الجريدة تعيش موجات متواصلة من الصرف والتوظيف، وقد تراجع عدد الموظفين من 80 إلى 15 صحافياً خلال السنوات الأربع الماضية، لا بل يتم صرف موظفين ومن ثم توظيف آخرين برواتب أقل، وبعد تراجع العمل يعاد صرف الجدد والاستعانة بموظفين برواتب أعلى… وهكذا، ويتواجد الآن في أقسام الصحيفة والموقع حوالى 80 موظفاً…
وبرغم نفي إدارة الجريدة حصول أية مشكلات في ما يتعلق بفريق الموظفين، يؤكد أحد الصحافيين في جريدة “البلد” اللبنانية أنه تم صرف موظفة منذ شهر تقريباً، في حين لم يتقاض الموظفون رواتبهم منذ شهرين إلى 4 أشهر. ولا يوجد في الصحيفة سوى 40 موظفاً تقريباً، وهم موعودون من الإدارة بأن تحل الأزمة خلال الشهرين المقبلين مع انطلاق الحملة التسويقية الجديدة.
لم يسلم موظفو جريدة “الأخبار” أيضاً من عمليات الصرف خلال السنوات الأربع الماضية، بحيث شهدت الجريدة تغييراً في فريق العمل الإداري وصرف ثلاثة موظفين منها، إضافة إلى ثلاثة موظفين صرفوا هذا العام. ويقول مصدر في الجريدة إنه لم يتم خفض الرواتب خلال السنوات الأربع الماضية، في حين تم صرف تعويضات للموظفين المصروفين. ويشرح أن الإدارة اجتمعت بالعاملين في المؤسسة كافة وأبلغتهم عدم نيتها القيام بأية عمليات صرف أو خفض للرواتب في المرحلة المقبلة.
إلى جريدة “النهار”، حيث لا يتقاضى الموظفون رواتبهم منذ حوالى سبعة أشهر، فيما تتم مقايضة الرواتب المتأخرة بورقة استقالة يقدمها الموظف للإدارة. ويعمل في المؤسسة حوالى 250 موظفاً، يعانون بغالبيتهم من أزمة البقاء من دون راتب أو الاستقالة للحصول على رواتبهم والدخول في حلقة الضياع في سوق الإعلام اللبنانية. وكذا طالت المشكلة عمال المطبعة في “النهار”، الذين تم صرف 18 موظفاً منهم الشهر الماضي، مع عدم دفع رواتب الباقين منذ حوالى ثلاثة أشهر. وكانت الجريدة قد صرفت 24 موظفاً في عام 2015.
أما جريدة “المستقبل”، فهي تضم حوالى 200 موظف، ولهؤلاء رواتب تتراوح بين 8 و10 أشهر متراكمة منذ العام الماضي من دون دفعها من قبل الإدارة، ويقول مصدر من الجريدة: “ليتنا كنا عمال مطعم. نقابة المحررين لا تقوم بدورها وتترك الصحافي من دون حقوق. ويعني ذلك أن الصحافي، الذي ليست له حقوق، لا كرامة له، بل يبيع كرامته من أجل لقمة العيش”.
محطات التلفزة أيضاً…
واقع المحطات التلفزيونية ليس أفضل، إذ يقول مدير عام محطة “الجديد”، إبراهيم الحلبي، إن المؤسسة تضم حوالى 400 موظف حالياً، وإنه تم صرف حوالى 40 موظفاً خلال عام 2015، ضمن عملية إعادة الهيكلة. ويشدد على أن المؤسسة لا تقوم بخفض الرواتب كون هذا الإجراء يخالف القانون، كما لا يوجد تأخير في صرف الرواتب. ويعتبر الحلبي أن قطاع الإعلام بأكمله يعاني من أزمة في لبنان، وأن احتمال خفض عدد الموظفين في المستقبل ممكن، مشيراً إلى أن إيرادات الإعلانات تراجعت حوالى 60% في لبنان في الفترة الأخيرة.
وفي حين لا تزال عملية الصرف الجمعية لموظفي المؤسسة اللبنانية للإرسال في الذاكرة، تم صرف موظفين العام الماضي، أحدهما كان يعمل في المؤسسة منذ 30 عاماً، من دون دفع تعويض لائق، في حين يشير مصدر في تلفزيون “إم تي في”، إلى أنه بين عامي 2013 و2014 لم تحصل أية مشاكل، فالأخيرة بدأت في منتصف عام 2015، حين بدأت مرحلة تأخير الرواتب، تصل إلى منتصف الشهر تقريباً. ويشرح المصدر أن عدد موظفي المؤسسة يصل إلى 600 موظف، بعدما تم صرف حوالى 30 موظفاً منذ سنوات. ويشير المصدر إلى أن الطبيعة العائلية لإدارة الشركة يجعلها في أزمة بطبيعة الحال، وأنه لا يمكن الشعور بالأمان الوظيفي في أية مؤسسة إعلامية لبنانية، في حين تشير مصادر تلفزيون “المستقبل”، إلى أن عدد الموظفين يصل إلى حوالى 450 موظفاً، ولم تشهد المؤسسة صرف موظفين في الفترة ما بين 2013 و2016، في حين كان الصرف الأخير في عام 2012 وطال 70 موظفاً. ويشرح المصدر أن لموظفي التلفزيون لدى المؤسسة ستة أشهر غير مدفوعة عن عام 2015، بالإضافة إلى بدلات البرامج وتعويضات المدارس. ويوجد عدد من الموظفين قدموا استقالتهم أو رهنوا بيوتهم أو باعوا سياراتهم ليستطيعوا تأمين مصاريفهم.
وتشهد السوق الإعلامية العربية والعالمية العاملة في لبنان حالات صرف لعشرات الموظفين، آخرهم موظفو مكتب تلفزيون “العربية” و”الحدث” في بيروت، والبالغ عددهم حوالى 27 موظفاً.