أنصاف المتعلمين القسوة من الدين … فاطمة المزروعي
أنصاف المتعلمين القسوة من الدين
فاطمة المزروعي
أكبر جريرة ارتكبها أصحاب الإسلام السياسي وما جره على عالمنا الإسلامي من ويلات ومآسي بسبب التطرف والغلو هو إظهار ديننا الحنيف بمظهر المنتهز الكاره للحياة الذي لا يقيم وزناً لقيم الإنسانية ولا لمشاعر الإنسان، وهذا بطبيعة الحال كذب محض وافتراء ألصق بهذا الدين العظيم، ديننا الذي يدعو للهدى والرحمة والشفقة ومساعدة الفقراء والضعفاء؟
يقول رسولنا الكريم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس»، هذا الدين العظيم الذي يدعوا للإبداع والتميز وإتقان العمل، يقول رسولنا الكريم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، هذا الدين هو دين الحضارات والتقدم، لكن ثلة ممن تجهل سماحة الإسلام ورفقه وجدت فيه ملاذاً وسلماً يصعدون بواسطته لتحقيق مآربهم المريضة، فشوهوا قيمه بشكل مؤذ.
حتى قيم المحبة التي تمتع بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، لم تعد تنتشر ولم نعد نعرفها ونتحدث عنها فلا نسمع إلا التأليب والتشجيع على القتل وسفك الدماء، قيم محمد الرسول الأمين التي تدعو لمراعاة شعور الآخرين وعدم جرحها بكلمة أو حتى بإشارة تكاد تختفي أمام سيل المرجفين المتطرفين.
بين يدي قصة عن رسولنا الكريم تقول: إن أحد الصحابة من فقراء الصفة جاء للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحمل قدحاً مملوءاً بالعنب، فقدمه للرسول صلى الله عليه وسلم كهدية، فأخذ القدح وأكل منه وهو يبتسم للصحابي الذي كاد يطير من الفرح، وقد كان الصحابة ينظرون إليه وهو يأكل العنب حبة حبة، وكان من عادة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن يشارك الجميع في الطعام الذي يقدم له كهدية، إلا في هذا الموقف ظل الرسول صلى الله عليه وسلم يتناول العنب حبة حبة، ويبتسم في وجه الصحابي الفقير، وهو فرح، لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد أعجبه العنب، وعندما انتهى العنب ذهب الصحابي وهو أكثر سعادة وفرحاً، خصوصاً أن قدح العنب قد أكله الرسول صلى الله عليه وسلم جميعه.
فسأل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم: لما لم تشركنا يا رسول الله معك؟ فابتسم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال قد رأيتم فرحته بهذا القدح، وإني عندما تذوقته وجدته مُراً، فخشيتُ إن أشركتكم معي أن يُظهر أحدكم شيئاً يفسد على ذاك الرجل فرحتهُ.
هذا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي علمنا الإسلام ونهلنا منه قيم العبادة والصلاة، وهو أيضاً الذي علمنا أن نراعي مشاعر الآخرين وأن نعطف عليهم حتى ولو بكلمة أو ابتسامة، ثم يأتي أنصاف المتعلمين ممن حفظ آية أو حديثاً ليحدثنا عن القسوة والعنف وأنها من الدين.