اتفاق القاهرة الأخير
قال تعالى :”وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق”
وصلنا إلى نهاية الأسبوع الأول لمغادرتنا قطاع غزة وعلى الرغم من حالة “اليأس” التي وصلنا لها في القطاع ومكوثنا بجوار الكعبة المشرفّة إلا أن الحنين والشوق لغزة لا يزال حاضراً .
في مطار القاهرة دار نقاشاً طويلاً بيني وبين الشيخ حسن الجوجو وهو رئيس المحكمة الشرعية في حكومة غزة التي استقالت بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني , وانضمّ للحديث عدد من الأصدقاء والحجاج الذين مكثوا في مطار القاهرة لمدة 36 ساعة تقريباً .. خلال الحديث والنقاش توصّلنا والشيخ الجوجو إلى نقاط مشتركة عن امكانية نجاح المصالحة الفلسطينية وعدم ترك الأمور “مُعلقّة” كما كانت .. طبعاً اتفقنا في النهاية وأومأ الجميع برأسه أنه لا يمكن فرض رؤيتنا على القيادة السياسية للشعب الفلسطيني لحسابات مختلفة .
أصرّ الشيخ حسن الجوجو أن نقوم بتكثيف الدعاء للوطن وقيادتي فتح وحماس علّهم ينقذون الوطن من شرور المتآمرين , كان غالبية المتواجدين وبلسان واحد يقولون :”اتفقوا في مكة ونكثوا العهود واتفقوا في القاهرة مرّات عدّة وفي الشاطيء مؤخراً ولم يتقدّموا خطوة واحدة بل تراجعوا عشرات الخطوات” .. سيطر اليأس على القلوب والعقول .
اثناء طواف العمرة الأولى توجهت انا ومجموعة من الزملاء للطواف حول الحجر الأسود وتمكّنا بصعوبة بالغة من الوصول اليه وتقبيله والدعاء لمن نحب .. تلقائياً دعونا للوطن وان يوفّق الله الطرفين لما فيه مصلحة لشعب فلسطين , بالمناسبة بعض من سمعنا ونحن ندعو بصوت عال من جنسيات مختلفة عندما سمعوا الدعاء لفلسطين رددوه معنا .. لعلّ الله استجاب لهم ..
ان نص بيان اتفاق القاهرة الأخير يوحي بأن الطرفين وصلا الى نقاط مشتركة وغابت التفاصيل عن البيان النهائي , نتمنى أن لا تكون تلك النقاط غائبة عن النقاش أيضاً .
حالة الانقسام السياسي يجب أن يسبقها وفاق اجتماعي بين الضفة وغزة وبين مؤيدي فتح وحماس ولا يجب بأي حال من الأحوال استمرار الحالة الرخوة التي تمّت فيها كافة الاتفاقيات السابقة .
التقيت الشيخ الجوجو قبيل التوجّه لصلاة الجمعة , بدا الشيخ متفائلاً لكنه حذر .. فالاتفاقيات السابقة حاضرة وما أقرب اتفاق الشاطيء فهو أكبر شاهد عيان على وجوب التفاؤل الحذر .
حجاج فلسطين بقلب واحد وصوت واحد يدعون الله قياماً وسجوداً ان يوحّد شطري الوطن وأن نبدأ مصالحة حقيقية تمنع على الأقل فكرة الهجرة عند الشباب الغزّي .. !